فجوة التعلم
فجوة التعلم
لا يكاد هناك اتفاق بين الاقتصاديين ورواد التنمية أوضح من أن رأس المال البشري هو الركيزة الأساسية لأي تنمية مستقبلية، فهو أهم عوامل التغير على وجه الأرض، لأن العقل البشري ببساطة يعد المورد اللامحدود الذي لا ينضب عن العطاء، فهو ينمي الإبداع والفضول المعرفي والرغبة في اقتحام المجهول، ويا للأسف على واقع مجتمعاتنا العربية، والتي تعاني فقرًا شديدًا في شيوع ثقافة التعلم القائمة على اكتساب المهارات والخبرات على مدى مراحل العمر المختلفة، مما أدى إلى بؤس المعلم وتعاسة المتعلم.
لقد زاد العالم تعقدًا، وتسارع إيقاعه، وفي ظل المستقبل الرقمي الذي تتشكَّل ملامحه اليوم، يعيش العالم النامي أزمة التعلم في عصر المعلومات، ومع تجدد الأحداث والوقائع وتسارع ظهور الأجيال التكنولوجية الجديدة تباعًا، تصبح فكرة التعلم من المهد إلى اللحد ثقافة تفرض نفسها في ظل هذا الواقع المتغير، لا سيما مع ما وفَّرته الثورة الرقمية اليوم من وسائط تعليمية متعددة تناسب جميع المراحل العمرية المختلفة من الولادة وحتى الشيخوخة، فالحاجة إلى التعلم تظل متجددة بتجدد التحديات مما يجعل من الصعب إشباعها.
فزيادة الفجوة التعليمية اليوم إنما تنبع وبشكل أساسي من ازدياد الهوَّة بين ثقافة مجتمعية متجمِّدة مترسِّخة وبين واقع دائم التغير، ما نتج عنه عدم وجود أي نتائج واقعية ملموسة على الأرض، لذا يتطلَّب الأمر خلخلة هذا الواقع المترسخ عبر تغيرات جريئة وجذرية تستهدف إعادة الهيكلة المجتمعية من جديد، حتى تصبح بذلك ثقافة التعلم دستورًا يُعيد صياغة المجتمع وعلاقاته من جديد، فالمجتمع الأصلح للبقاء هو الأقدر على مواكبة التغيير المتسارع والاحتياجات الاجتماعية المتجددة، لا سيما أن العولمة اليوم بصدد تغيير العقد الاجتماعي بين الدول وشعوبها، في ظل عصر التحولات الذي تحياه البشرية اليوم، لذا لا يمكن استبعاد العوامل السياسية الخارجية التي تعمل على شرذمة المجتمعات النامية حتى تظل تدور في فلكها.
الفكرة من كتاب الفجوة الرقمية.. رؤية عربية لمجتمع المعرفة
تعد الفجوة الرقمية البادية أمامنا اليوم مثالًا صارخًا على مدى حدة أزمة العقل العربي، في ظل عجزه عن مواجهة العديد من المشكلات في مختلف المجالات، نتيجة ترسيخ عقدة التخلف الحضاري بيننا وبين الغرب، ولكن يظل هناك بعض الأمل، فكل أزمة تنطوي على فرص لا تتيح فقط إمكانية الخروج منها، بل تدفع إلى الانطلاق واللحاق بمن سبقوا، من هنا تنبع أهمية هذا الكتاب حيث يستشرف المستقبل، ويوقفك على جذور المشكلة الرقمية التي يحياها العالم العربي، كما يحاول طرح الحلول الواقعية للخروج من تلك الأزمة والاستفادة منها.
مؤلف كتاب الفجوة الرقمية.. رؤية عربية لمجتمع المعرفة
الدكتور نبيل علي: دكتوراه في هندسة الطيران، رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وله أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها: “اللغة العربية والحاسوب”، و”العرب وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.
الدكتورة نادية حجازي: دكتوراه في هندسة الحاسبات، وتعمل أستاذة بمعهد بحوث الإلكترونيات، المركز القومي للبحوث، كما عملت مستشارة بوزارة الاتصالات والمعلومات ووزارة التعليم، وعضو اللجنة الاستشارية لتنمية أفريقيا في مجال الاتصالات والمعلومات، ولها العديد من البحوث والدراسات في مجالات اللغويات الحاسوبية وهندسة الاتصالات والترجمة الآلية ونظم استرجاع المعلومات والبرمجيات التعليمية.