شجاعة لا تهوُّر!
شجاعة لا تهوُّر!
في اتجاه مغاير لما قد يعتقده كثير من الناس عن شجاعة القائد، ليست الشجاعة هنا هي إبادة المنافسين وحسم المنافسات والثقة المفرطة فيما يقوم به القائد ولكنها “فعل الصواب اعتمادًا على السياق”، وليس الصواب هو كل ما يراه القائد، فالتمسك بالصواب يشمل آراء الآخرين ما دامت صوابًا، وتظهر أهمية الشجاعة في اتخاذ القرارات مع ما يعانيه القائد من ندرة المعلومات أو عدم وضوحها بالقدر الكافي، أو حتى وجودها ولكن تحتاج إلى وقت أكبر مما يستلزمه الموقف مما يحتم على القائد ألا يعتمد على البيانات وحدها رغم أهميتها الكبرى.
إن الدعوة إلى الشجاعة في القيادة لا يلزم منها أن يعتمد القائد على الحدس وحده ويلغي بذلك دور العقل والقلب؛ فقيادة باخرة دون أجهزة معينة أو أي بيانات ستكون عاقبتها الغرق بلا شك! ولكن للحدس دوره بالتأكيد إن كان الموقف يحتمل ذلك مع البيانات المتاحة؛ فشركة “جونسون آند جونسون” حققت نجاحًا كبيرًا في مجالها عندما اعتمدت على المناقشة الموسعة بدلًا من مجرد تحليل البيانات، وكانت الآراء وقتها تميل إلى التوسُّع في مزيد من المنتجات مما يسمح بفرص أكثر لنمو الشركة ويحميها من أي مخاطر يتعرض لها السوق أو منتج من المنتجات، وتُعرف هذه الطريقة بـ”الحدس الجمعي” وهي لا شك أفضل من “الحدس الفردي” الذي يعتمد فيه القائد على حدسه فقط.
ترافق الشجاعة مخاطرات وتحديات تزعج القادة فتزُج بهم نحو الكارثة أو تحفز دوافع إحجامهم عن القيادة بشجاعة، ومنها مثلًا تبني مفهوم التلازم المنطقي أو السبب والنتيجة فيما يخصُّ الشجاعة والمخاطرة، فكلما زادت المخاطرة زاد المال المحتمل جَنْيُه، وكلما قلَّت المخاطرة قلَّ المال المحتمل خسارته، وهذه النظرة الضيقة إلى المخاطرة يمكن أن تُبدَّد عند القادة من خلال إعادة النظر في النطاق الأوسع للمخاطرة وعن طريق التوازن الناجح بين ما تضمنه الشجاعة من مخاطرة ومكافأة؛ ويحدث ذلك بالتعامل مع الإدارة كفنٍّ لا كعلم.
الفكرة من كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
شهد العالم تحولات مركزية كبرى في كل العلوم والفنون، ورافق ذلك تغيرات مفاهيمية وعملية تجعل من استيعابها وتغيير أدواتنا واستراتيجياتنا لتلائم هذه التحولات والتطورات ضرورة أساسية في أعمالنا. والقيادة كغيرها من العمليات تأثرت كثيرًا بهذه التحولات والتغيرات، مما عدَّ القيادة الجزئية المرتكزة على القوة وحدها فشلًا في العصر الحالي وإن كانت قد نجحت في عصور سابقة.
يقدم هذا الكتاب قراءة جديدة للقيادة المتكاملة بجوانبها الثلاثة: العقل والقلب والشجاعة، موضحًا مفهوم كل جانب كاشفًا عن الروابط العميقة بينها وما يشمله من عوائق تواجه القادة الراغبين في قيادة ناضجة.
مؤلف كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
ديفيد إل دوتليتش David L. Dotlich: رئيسُ مَركزِ “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، ونائبُ الرئيس التنفيذي السابق في شركة “هانيويل إنترناشونال”، ومشارك في مؤلفات عدة منها: “قائد غير كامل”، و”ممرات القيادة”.
بيتر سي كايرو Peter C. Cairo: رئيس إدارةِ إعداد برامج تطوير المسؤولين التنفيذيين واستراتيجية القيادة في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وأسهم في تأليف عدة كتب منها: “لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون”، و”عالقون في الوسط”.
ستيفن إتش راينسميث Stephen H. Rhinesmith: شريكٌ في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وشغَلَ منصبَ رئيس شركة “هولاند أمريكا لاين”، ومن مؤلفاته: “دليل المديرين للعولمة”.