العدو الأوَّل
العدو الأوَّل
بعد الاستعانة بالله، والسعي في معرفته (سُبحانه وتعالى) ومعرفة أسمائه وصفاته من خلال تدبُّر القُرآن الكريم، والتأمُّل في الكون وفي النفس، تأتي الوسائل الأُخرى التي تُساعد على التخلُّص من هذا المرض اللعين، ومن تلك الوسائل أن يعرف الإنسان حقيقة نفسه، فحين يعرف الإنسان حقيقة نفسه يتيقَّن بعجزه وضعفه وجهله وافتقاره إلى كل ما يقيمه ويصلحه، فهو محتاج إلى ربه، وأنه لو تخلَّى عنه طرفة عين لهلك، ومن أهم الوسائل التي يتعرَّف خلالها الإنسان على حقيقته هي القرآن الكريم، كما أن من الوسائل أيضًا رسائل المنع التي تصله من الله بصفة يومية، فالمرض على سبيل المثال يقول للإنسان أنت ضعيف لم تستطع مقاومتي.
فلا بدَّ من تأديب النفس، وذلك من خلال سوء الظن الدائم بالنفس ودوام الحذر منها، وإلجامها بلجام الخوف لتسهل قيادتها، ومقاومة إلحاحها للإعجاب بها، ومحاسبتها، ودوام التوبة.
وإن محاولات النفس الأخذ بحظها من كل فعل يزداد عند حالات معينة، لذلك على الإنسان أن يكون على حذر باستمرار، وأن يعمل جاهدًا على غلق الأبواب أمامها لتفشل في محاولاتها، ومن هذه الحالات عن ورود النعم بشكل متتابع مثل زيادة في الرزق، ونجاح في عمل أو دراسة، فيجب مُباشرة الإسراع بربط النعمة بالمُنعم (سبحانه وتعالى) وحمده عليها، فيسجد الإنسان سجود الشكر بعد ورود النعمة، ويُنفق مما يُحب، كما أنه يتواضع ويُبالغ في القيام بصوره، كأن يجلس وسط المساكين ويقوم بخدمتهم.
كما أن محاولة إخفاء العمل قدر الإمكان، وعدم التحدث به أمام أحد من الناس إحدى الوسائل المهمَّة في تهذيب النفس بعد قيام المرء بعمل ما، ويحاول جاهدًا أن ينسى عمله، وأن يُقلِّله في عينه، وعندما يمدحه أحدهم يحاول ألا يسترسل أو يتجاوب مع المدح ويدفعه بشتى الطرق، ويطلب منه أن يحمد الله لا أن يمدحه هو، ويطلب منه التوقُّف عن مدحه.
الفكرة من كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
إن التربية الإيمانية لها أثر فعَّال في دفع المرء للقيام بأعمال البر، فكلما ازداد الإيمان في القلب كانت آثاره العظيمة في السلوك، ومع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، يبقى أمر آخر على نفس الدرجة من الأهمية، وهو المحافظة على أعمالك الصالحة التي تقوم بأدائها من كل ما يفسدها ويبعدها عن مظنَّة الإخلاص لله (عز وجل)، ومن أهم الأمور التي يمكنها أن تفعل ذلك إعجابك بنفسك، ورضاك عنها ورؤيتها بعين التعظيم.
فهذا الداء الخطير الذي يتسلَّل بخبث إلى النفوس من شأنه أن يحبط العمل ويفسده، بل تصل خطورته إلى حد الوقوع في دائرة الشرك الخفي بالله (عز وجل)، معنى ذلك أنك تتعب وتبذل الكثير من أجل قيامك بعمل ما، ثم يأتي داء العُجب فيقضي على عملك ويحبطه، ومن هنا ينطلق بنا الكاتب لتعريف هذا الداء الخطير ومُسبِّباته وأهمية التخلُّص منه فورًا والوسائل المُعينة على ذلك.
مؤلف كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم” و”فلنبدأ بأنفسنا”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به” و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.