لماذا تتضخَّم الذات؟
لماذا تتضخَّم الذات؟
هناك أسباب عديدة من شأنها أن تُسبِّب تسلُّل داء العُجب إلى النفوس، من أهمها: الجهل بالله (عز وجل)، فإن الله (سبحانه وتعالى) هو مصدر كل خير تفعله، وهو من يمدك بأسبابه لحظة بلحظة، ولو شاء لمنعك إياها، وكذلك من الأسباب الجهل بالنفس، فليس للإنسان -أي إنسان- مقومات ذاتية، فنحن جميعًا نستمد قوتنا من الله (عز وجل) لحظة بلحظة، نعم أعطانا الله أسبابًا ومواهب وإمكانات، ولكن هذه الإمكانات ليس لها أي قيمة دون القوة الفاعلة من الله (عز وجل)، إذن فعندما يوكل العبد لنفسه القيام بأي مهمة دون إعانة من الله (عز وجل) ولو لطرفة عين، فإنه يوكل للضعف.
كما أن شهوات النفس ليست شهوات جليَّة فحسب، بل هناك شهوات خفيَّة من حب للتميز، والعلو على الآخرين، وأن يشار إليها بالبنان، فالنفس لن تأمر صاحبها إلا بما يحقِّق شهواتها، فإذا ما ترك لها أحد الزمام، وأحسن الظن بها فسيصبح حتمًا أسيرًا لها.
ومن أسباب تضخيم الذات أن العبد ينشغل عن تزكية نفسه بالإيمان، ومن ثم عدم أخذ الحذر من هذا الداء، وتركه يتسلَّل إلى النفس ويتمكَّن منها، فإذا وُفِّق لأعمال صالحة، أو نجح في عدة أعمال وسمع المديح من الناس، وبكثرة مديحهم يترسَّخ فيه أنه بالفعل مميَّز فيشتد استعلاؤه، ونظرته الفوقية إلى نفسه، فيقترب شيئًا فشيئًا إلى الهلاك وعدم الفلاح.
وقد يكون أحد الأسباب لتكوين الصنم هو التربية الأولى في المنزل، وذلك من خلال اهتمام الأبوين بإشعار أبنائهم بتميزهم على أقرانهم، فهم الأكثر مالًا، أو الأحسن أثاثًا، وغير ذلك، وكذلك عدم ترشيد مواهبهم وعدم ربطها بالمنعم (سبحانه وتعالى)، فيولِّد كل هذا اعتقادًا عند الأبناء بأنهم أفضل من غيرهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.
الفكرة من كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
إن التربية الإيمانية لها أثر فعَّال في دفع المرء للقيام بأعمال البر، فكلما ازداد الإيمان في القلب كانت آثاره العظيمة في السلوك، ومع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، يبقى أمر آخر على نفس الدرجة من الأهمية، وهو المحافظة على أعمالك الصالحة التي تقوم بأدائها من كل ما يفسدها ويبعدها عن مظنَّة الإخلاص لله (عز وجل)، ومن أهم الأمور التي يمكنها أن تفعل ذلك إعجابك بنفسك، ورضاك عنها ورؤيتها بعين التعظيم.
فهذا الداء الخطير الذي يتسلَّل بخبث إلى النفوس من شأنه أن يحبط العمل ويفسده، بل تصل خطورته إلى حد الوقوع في دائرة الشرك الخفي بالله (عز وجل)، معنى ذلك أنك تتعب وتبذل الكثير من أجل قيامك بعمل ما، ثم يأتي داء العُجب فيقضي على عملك ويحبطه، ومن هنا ينطلق بنا الكاتب لتعريف هذا الداء الخطير ومُسبِّباته وأهمية التخلُّص منه فورًا والوسائل المُعينة على ذلك.
مؤلف كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم” و”فلنبدأ بأنفسنا”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به” و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.