صنم النفس
صنم النفس
إن الشرك بالله على نوعين: شرك جلي ظاهر، وشرك خفي مستتر، والشرك الجلي هو الاعتقاد في آخر مع الله بالنفع أو الضر، وهو أمر خطير، يقول تعالى: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾، أما معنى الشرك الخفي فهو الذي يخفى وجوده على الإنسان من الناحية الشكلية بمعنى أنه لا يعترف بوجوده لكنه متلبِّس به من الناحية الموضوعية، ومن أهم صور الشرك الخفي رؤية الإنسان لنفسه بعين التعظيم.
ومن صوره العُجب، وهو أن ترى أن عندك شيئًا ليس عند غيرك، نعم كلٌّ منا عنده أشياء ليست عند غيره، ولكن هذه الأشياء هي ملك لله وحده، وليست ملكًا للإنسان، فكل ما معك من أصغر شيء إلى أكبره ملك لله (عز وجل)، أعارك إياه لتنتفع به، وتمتحن فيه.
ومن العُجب أيضًا حمد النفس على ما عملت أو علمت، ونسيان أن النعم من الله (عز وجل)، فتقول في نفسك: لقد قويت وصبرت واستطعت فعل كذا.. فرحًا من نفسك بقوتها، معظِّمًا لها مع نسيان نعمة الله عليك في القيام بذلك.
إذن فالعُجب داء لا يكاد يسلم منه أحد، وأخطر ما يقوم به هو تضخيمه للذات، ومن ثم تكوينه لصنم داخلي في نفس صاحبه يحمل اسمه، مع ملاحظة الفارق بين لحظات الإعجاب العابرة بالنفس، وبين تأصُّل هذا الداء داخل الإنسان، ومع ذلك فإن تجاوب المرء مع تلك اللحظات وعدم مقاومتها سيؤدي إلى تمكُّن الداء من نفسه شيئًا فشيئًا، ومن ثم تكوين الصنم.
الفكرة من كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
إن التربية الإيمانية لها أثر فعَّال في دفع المرء للقيام بأعمال البر، فكلما ازداد الإيمان في القلب كانت آثاره العظيمة في السلوك، ومع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، يبقى أمر آخر على نفس الدرجة من الأهمية، وهو المحافظة على أعمالك الصالحة التي تقوم بأدائها من كل ما يفسدها ويبعدها عن مظنَّة الإخلاص لله (عز وجل)، ومن أهم الأمور التي يمكنها أن تفعل ذلك إعجابك بنفسك، ورضاك عنها ورؤيتها بعين التعظيم.
فهذا الداء الخطير الذي يتسلَّل بخبث إلى النفوس من شأنه أن يحبط العمل ويفسده، بل تصل خطورته إلى حد الوقوع في دائرة الشرك الخفي بالله (عز وجل)، معنى ذلك أنك تتعب وتبذل الكثير من أجل قيامك بعمل ما، ثم يأتي داء العُجب فيقضي على عملك ويحبطه، ومن هنا ينطلق بنا الكاتب لتعريف هذا الداء الخطير ومُسبِّباته وأهمية التخلُّص منه فورًا والوسائل المُعينة على ذلك.
مؤلف كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم” و”فلنبدأ بأنفسنا”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به” و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.