عدمُ تمييزِ العقلِ بين المُختَلَقِ والحقيقي
عدمُ تمييزِ العقلِ بين المُختَلَقِ والحقيقي
عندما نتحدثُ عن إقناعِ شخصٍ ما، فإن المُحتوى الذي نقدمُهُ في البدايةِ، له تأثيرٌ كبيرٌ على كيفيةِ تقبُّلِ الناسِ، لِما سنقدمُهُ لاحقًا. خيرُ مثالٍ على ذلك هو قصة “جيك”، بائعِ أنظمةِ إنذار الحرائق. كانت لَدى “جيك” استراتيجيةٌ مُبتكرةٌ، جعلت منه أفضلَ مندوبِ مَبِيعاتٍ في فريقه. وهي أنّه عندما يُقدّمُ للعائلاتِ عُروضًا، لبيعِ أجهزةِ إنذارِ الحريق، وبعد الكلامِ المُعتاد، كان يعتذرُ ويُخبرُ من يتحدثُ معه، أنه قد نَسيَ جزءًا مهمًا من المعداتِ في سيارته، وبأدبٍ شديد، يَطلبُ الإذنَ للعودةِ إلى السيارةِ لإحضار تلك المعدات.
نَسَيانُ المعداتِ كان حيلةً مُتعمّدة؛ حيثُ أنّ قِلّةً من الناسِ تسمحُ للغرباءِ بدخولِ منازلها. هذا المستوى من الثقة يُعطىَ فقط للأصدقاءِ أو العائلة. لذلك عندما تم السماحُ لجيك بالعودة، كان يدفعُ الناسَ -دونَ وعيٍ منهم- لرؤيته بثقة. بهذه الطريقةِ، رآه الناسُ كشخصٍ جديرٍ بالثقةِ في عقلهم، وبدأوا يعتقدونَ حقاً أن “جيك” صديقَهُم، وهذا جعَلَهُم يشترون حَسّاسَاتِ الدُّخَانِ منه، أكثرَ من أي مندوبِ مَبِيعَاتٍ آخر.
لم يكن “جيك” يطلبُ معاملتَهُ كصديقٍ حميم، أو كأحدِ أفرادِ الأسرة؛ إنه ببساطةِ خَلَقَ المواقفَ التي تُتِيحُ له أن يُعاملَ بهذه الطريقة. جعلَ هذا الأسلوبُ العملاءَ يضعونه في مكانةٍ، كانت محفوظة مسبقًا فقط للأشخاص الذين يثقون بهم، مما جعلهم أكثرَ تقبُّلاً لمبيعاته.
بِناءُ عَلاقةِ ثقة، يمكن أن يكونَ مفيدًا، بنفسِ درجةِ كَسْبِ الثقة التقليدية، لِذا جِدْ طُرقًا لاختلاقها، وسيتركُ ذلك عظيمَ الأثرِ على الشخصِ الذي تُحادثه.
الفكرة من كتاب قبل الإقناع – طريقة ثورية للتأثير والإقناع
روبرت سيالديني، هو أستاذٌ جامعيٌّ اِشْتُهِر في جميع أنحاء العالم، بأبحاثه في مجال علم النفس. يشرحُ لنا في هذا الكتاب تجارِبَهُ الشخصيةَ عن كيفية إقناعِ الناس، ويقدمُ نصائحَ عن كيفيةِ اكتسابِ ثقةِ الآخرين. إذا تمَكّنْتَ من فَهمِ تلكَ النصائح، فستتمكنُ من الفوزِ بالمناقشاتِ والترويجِ لأفكاركَ بسُهُولة.
مؤلفُ الكتابِ لم يكتفِ بالبحثِ والدراسةِ في الجامعاتِ والمكتبات، بل قضى ثلاثَ سنواتٍ من عمرهِ، يتسللُ وسَطَ البائعين والسماسرةِ والجماعاتِ الدينيةِ وجامعي التبرعات، يعملُ معهُم مُتخفيًا ليتدربَ تحت أيديهم، ويَدرُسَ الموضوعَ عمليًا على أرض الواقع.
مؤلف كتاب قبل الإقناع – طريقة ثورية للتأثير والإقناع
روبرت سيالديني أستاذ علم النفس والتسويق بجامعة ولاية أريزونا، أمضى سنوات عديدة من عمره يدرس ما وراء التأثير والإقناع.