الحراك الاجتماعي

أهمل الاقتصاديون وعلماء الاجتماع ظاهرة الحراك الاجتماعي في مصر، على الرغم من أهميتها الكبيرة في تفسير ما حدث ويحدث للاقتصاد والمجتمع المصري، لكن يمكن فهم إهمال الاقتصاديين المصريين لهذه الظاهرة، حيث إنهم يتعاملون مع متغيِّرات عبارة عن كميات كمية، كمعدلات الاستهلاك والادخار والاستثمار في المجتمع ككل، وكل ذلك أرقام تتجاهل في الأغلب الانقسام الطبقي الحادث، أرقام لا تصلح لتحليل كائن حي كالمجتمع، أما بالنسبة إلى علماء الاجتماع، فلا تتوافر أي دراسة مستفيضة للحراك الاجتماعي في مصر خلال نصف القرن الماضي، وما يربطه من تغيُّر على أنماط السلوك والقيم، فالكلام كله ينحصر على قيم الانفتاح، وكأنها هي قيم المجتمع المصري بأكمله، وهناك بالطبع علماء تكلموا عن الانقسام الطبقي في مصر، ولكنهم يحصرون رؤيتهم في فهم الانقسام، بما لا يتعدَّى الانقسام إلى طبقة مستغلِة وطبقة مُستغلَة، ولا يرون التغيير الحادث على مستوى الدخل، والمركز الاجتماعي للشرائح المكوَّنة لكل من هاتين الطبقتين.

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

إذًا ما هذا التحول الكبير في طبيعة الحراك الاجتماعي ومعدله في مصر خلال الخمسين عامًا الماضية؟ ندعونا نتفق أنه لا يوجد مجتمع أيًّا كانت درجة جموده أو ركوده لا يحظى بدرجة من الحراك الاجتماعي، فأشد المجتمعات ثباتًا تتعرَّض لصعود فرد من أسفل درجات السلم الاجتماعي إلى أعلاها.

ولذلك مهما بدا التركيب الطبقي في مصر في منتصف القرن الماضي جامدًا، ومهما كانت درجة جموده الحواجز المانعة من انتقال فرد من طبقة اجتماعية إلى أخرى، فلا يُمكن نكران تعرض المجتمع المصري بالفعل إلى انتقالات عديدة، حيث إن الحواجز الطبقية بدأت في التفكُّك أصلًا قبل ثورة 1952 ميلاديًّا، وكان التوسُّع في التعليم من أهم عوامل هذا التفكُّك، ثم تطبيق المجانية في جميع مراحله، وأيضًا السماح لأبناء الطبقات الدنيا بالالتحاق بالكلية الحربية، ثم ظهرت السياسة الناصرية من حيث قوانين الإصلاح الزراعي، وإجراءات التأميم، ونمو المؤسسة العسكرية، والتي لم يتوقَّف نموها، وكانت سببًا قويًّا دائمًا من أسباب الصعود الاجتماعي.

يوضح الدكتور جلال أمين في هذا الكتاب ماذا حدث للمصريين خلال نصف القرن الماضي؛ ألا وهي فترة عمره، وتكوين وعيه وإدراكه لما يحدث حوله، مازجًا بين تجاربه الشخصية، وما يعرفه من دراسته الأكاديمية للاقتصاد، والمجتمع المصري، وهذا المزيج قد يفيد من فهم الجميع لظاهرة اعتبرها الكاتب من أهم الظواهر التي شكَّلت التاريخ الاجتماعي، ألا وهي الحراك الاجتماعي.

جلال أمين: كاتب ومفكر مصري كبير، وأستاذ مادة الاقتصاد في الجامعة الأمريكية، توفِّيَ في الخامسة والعشرين من شهر سبتمبر عام 2018 بعد صراع مع المرض.

من أشهر مؤلفاته: “شخصيات لها تاريخ”، و”عصر التشهير بالعرب والمسلمين”، و”عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر”، و”قصة الاقتصاد المصري”.