تفسير الأزمة

كثيرًا ما تتردَّد في مصر عبارتا “الأزمة” أو “المحنة”، سواء كان الموضوع الاقتصاد، أو المجتمع، أو السياسة، أو الثقافة، مثل محنة الاقتصاد المصري، أو انحطاط الثقافة المصرية وانتشار الفساد وتفكُّك الأسرة، وكان التفسير الأكبر لكل أو معظم هذه المشكلات يرجع إلى سياسة الانفتاح الاقتصادي الذي يعني فتح الباب أمام السلع الأجنبية، وإعطاء المستهلك المصري الحرية للاستهلاك والاستثمار، وعدم تدخُّل الدولة في القرارات الفردية، فالكثير من الأزمات يمكن ردُّها فعلًا إلى سياسة الانفتاح، فمثلًا اختلاف توزيع الدخل قد يكون بسبب إطلاق حرية الاستثمار للشعب، وانحطاط الدولة ثقافيًّا يمكن إرجاعه إلى قبول الدولة للتغريب في ظل الانفتاح.

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

لكن يعتقد جلال أمين أن هذا التفسير المقتصر على سياسة الانفتاح غير كافٍ، ويتجاهل ظاهرة أخرى لا تقل أهمية عن الانفتاح في تفسير ما يحدث في المجتمع المصري، حيث إن قوانين الانفتاح وإجراءاته تُتيح سلوكًا مُعينًا، أو منعه، ولكنها لا تُجبر أحدًا على فعل هذا السلوك، إلا إذا تطابقت هذه القوانين مع دوافع الأفراد وطموحاتهم، لذا فمعظم مظاهر الأزمة تتعلَّق بتغيير في القيم الاجتماعية، وهي بطيئة التغيير أصلًا، ولا يمكن ربطها بصورة مباشرة بمجرد إصدار قوانين معينة، أو إلغاء أخرى، فمثلًا لا يُمكن ربط ضعف الولاء للوطن بإجراءات وقوانين الانفتاح، دون النظر في التحول الذي حدث في نفسية الشعب وطموحاته وقيمه، والطريقة التي يفكر بها.

ويربط كثير من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع أزمة الاقتصاد والمجتمع في مصر، بظاهرة الهجرة إلى الدول النفطية، لما سببته الهجرة من شيوع الاستهلاك المظهري والترفيه، وارتفاع معدلات التضخم، ناسين خصائص الشريحة الطبقية التي كان ينتمي إليها المُهاجر ودوافعها وطموحاتها، وأن التغيير الذي يحدثه الانفتاح أو الهجرة يتأثر في مجتمع منقسم إلى طبقات، وشرائح اجتماعية، وقد يكون لسياستي الانفتاح والهجرة تأثير في الإسراع بمعدل الحراك الاجتماعي بين الطبقات، لكنهما ليستا السببين الوحيدين المسؤولين عن أزمة المجتمع المصري.

يوضح الدكتور جلال أمين في هذا الكتاب ماذا حدث للمصريين خلال نصف القرن الماضي؛ ألا وهي فترة عمره، وتكوين وعيه وإدراكه لما يحدث حوله، مازجًا بين تجاربه الشخصية، وما يعرفه من دراسته الأكاديمية للاقتصاد، والمجتمع المصري، وهذا المزيج قد يفيد من فهم الجميع لظاهرة اعتبرها الكاتب من أهم الظواهر التي شكَّلت التاريخ الاجتماعي، ألا وهي الحراك الاجتماعي.

جلال أمين: كاتب ومفكر مصري كبير، وأستاذ مادة الاقتصاد في الجامعة الأمريكية، توفِّيَ في الخامسة والعشرين من شهر سبتمبر عام 2018 بعد صراع مع المرض.

من أشهر مؤلفاته: “شخصيات لها تاريخ”، و”عصر التشهير بالعرب والمسلمين”، و”عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر”، و”قصة الاقتصاد المصري”.