كيف يعمل الدماغ؟
كيف يعمل الدماغ؟
الدماغ البشري عالم متشابك يكتنفه الغموض، فليس له نظير في واقع الحياة يمكن القياس عليه أو حتى يوضح لنا المكان الصحيح الذي يجب الانطلاق منه في أثناء بحثنا عن نموذج ما يوضح لنا ماهية عمل أدمغتنا البشرية، فمن الناحية التشريحية يتكون الدماغ من لبنات أساسية هي الخلايا الدماغية، وهي خلايا متراكمة تكون معًا مجموعة متضخِّمة من الأنسجة البشرية تتمايز إلى شقين أحدهما أيمن والآخر أيسر، ومغطى بطبقة خارجية رمادية اللون تسمى بالقشرة المخية، ويتمحور عمل الدماغ بصفة أساسية حول استخدام الناقلات العصبية ذهابًا وإيابًا مع أجزاء الجسم المختلفة.
ومن الأشياء المثيرة حقًّا هي التغيرات الحاصلة في الدماغ البشري نتيجة الخبرة المتراكمة، حيث أثبتت تجارب المسح الدماغي في لندن أن المناطق الخاصة بالذاكرة عند سائقي الأجرة أكبر من نظيرتها عند أقرانهم من نفس العمر، بل كانت تزداد كلما طالت المدة الزمنية لمزاولة مهنتهم، وهذا يطيح بالمُسلَّمة القائلة إن الدماغ غير قابل للتغيير، وعلى ذلك يمكن القول إن الطريقة المثلى للحفاظ على قدرات أدمغتنا البشرية هي استخدامها، وقد أثبت العلم أن تعلم مهارة جديدة له أثر إيجابي كبير في زيادة قدرة الدماغ بدلًا من الاستمرار في التدريب على مهارة جرى تعلمها سابقًا.
وثمة ملاحظة مهمة وهي أنه لا أساس للخرافة القائلة إننا نستخدم فقط 10% من أدمغتنا البشرية، فالدماغ لا مكان فيه لمساحة شاغرة دون عمل، حيث أثبتت الوقائع الطبية أن ما من تلف يصيب أي منطقة من المخ البشري إلا ويصحب ذلك فقدٌ في إحدى القدرات أو التأثير في بعض الحواس البشرية، ولو كان ثمة أساس صحيح لخرافة الـ10% تلك لكان بالإمكان إذن تحمل فقد الـ90% الباقية دون التأثير السلبي في فاعلية عمل الدماغ أو التأثير في باقي قدرات الجسم البشري.
الفكرة من كتاب تغيُّر العقل: كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا؟
“إن الأجهزة والتقنيات الرقمية، كشأن الأطعمة، بعضها أشد ضررًا أو أكثر نفعًا من البعض الآخر، وعلى ذلك إذا أردنا أن نتجنَّب أضرارها ونجني فوائدها، فعلينا أن نفهم أولًا كيف تؤثِّر هذه الأجهزة في أدمغتنا”.
يعدُّ هذا الكتاب خطوةً على طريق استشراف المستقبل الرقمي وآثاره في البشر، فهو يرصد وقائع هذا الزمن غير المسبوق، ويلقي بالظلال على ميكانيزم عمل الدماغ البشرية، ومن ثم يوضح أثر وسائل التواصل الاجتماعي في الوجدان البشري، وكذلك يحلل الأثر الناتج عن الألعاب الإلكترونية على الدماغ البشري.
مؤلف كتاب تغيُّر العقل: كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا؟
سوزان أديل غرينفيلد (Susan Adele Greenfield): عالمة وكاتبة ومذيعة بريطانية وعضو مجلس اللوردات، وُلدت في لندن عام 1950 وهي تعمل وتعيش في أكسفورد، تخرجت في قسم علم النفس عام 1973، وحصلت على درجة الماجستير عام 1974 في الآداب من جامعة أكسفورد، ثم درجة الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1977.
كما حصلت على 23 درجة شرفية والعديد من الزمالات البحثية من الجامعات البريطانية والدولية المختلفة، تعمل حاليًّا زميلًا بحثيًّا أول في كلية لينكولن بجامعة أكسفورد، وترأس فريقًا متعدد التخصصات لدراسة آليات الدماغ المتعلقة ببعض الأمراض مثل داء الزهايمر وداء باركنسون.
لها العديد من الكتب والمؤلفات منها: “الحياة الخاصة للدماغ”، و”العقل البشري”، و”يوم في حياة الدماغ”.