أحوال وأزمان الإجابة
أحوال وأزمان الإجابة
من رحمة الله بعباده أن جعل لهم مظان للإجابة، والمظانُّ هي تلك الأحوال والأزمان والأماكن والأوضاع الّتي يغلب على الظَّنِّ أنَّ من دعا فيها استُجيب له ويرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها؛ وذلك حتى نجتهد فيها بالدعاء أكثر، أما تلك الأحوال التي ترجى فيها الإجابة فتكون في أحوال خاصة ومعينة، منها: عند حضور القلب وخشوعه ونشاط الهمة، وهذا من أعظم أسباب الإجابة، وفي حال السجود لقوله ﷺ: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا في الدعاء”، وكذلك في الثلث الأخير من الليل وقت السحر ووقت النزول الإلهي وقت إجابة الدعوات، وليلة القدر، وبين الأذان والإقامة، وعند النداء للصلوات وعند التأمين فيها، وفي أدبار الصلوات المكتوبة قبل السلام منها وبعده مباشرةً، وعند نزول المطر والتقاء الجيوش، وعند صياح الديك؛ فإنها ترى الملائكة.
أيضًا دعوة المريض في أثناء المرض من مواطن الإجابة،كذلك تستجاب دعوة المسافر، ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء؛ بسبب حصول انكسار النفس بطول الغربة وتحمُّل المشاق، فالانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء، كذلك دعوة الصائم لا ترد، ودعاء الوالدين للأبناء أو الدعاء عليهم، لقوله ﷺ: “ثلاث دعوات مستجابات لا شكَّ فيهن، دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم”، وكذلك عند شرب ماء زمزم مع النية الصالحة، والدعاء عقب قراءة القرآن وختمه.
كذلك من الأوقات التي يستحب فيها الدعاء، الدعاء في ساعة من يوم الجمعة، واختلف في تعيين هذه الساعة، قيل إنها ساعة جلوس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة، وقيل إنها آخر ساعة في يوم الجمعة بعد العصر وهذا أرجح. وليس معنى كون الزَّمان المعيَّن أو المكان المعيَّن موطنًا للإجابة أنَّ حصول المطلوب بالدعاء متعيِّنٌ بكلِّ حال، ولكن يقصد أنَّه أرجى من غيره.
الفكرة من كتاب كيف يكون الدعاء مستجابًا؟
إن الدعاء علاقة سامية تُلخِّص معنى العبودية، كما أنه علاقة مباشرة بين العبد وربه بلا وسيط ولا شفيع، بمجرد أن يرفع يديه إلى ربِّه ويسأله حوائجه يستجيب له ربه ويعطيه من فضله وجوده وإحسانه، ولذلك قال رسول الله ﷺ: “الدعاء هو العبادة”، ونظرًا إلى أهمية الدعاء في حياة المسلم وضع الشرع له أحكامًا وآدابًا وسننًا ومنهيَّاتٍ تتعلَّق به.
يضمُّ هذا الكتاب بين دفَّتيه رسالة تقف بنا وقفاتٍ شائقة على مظانِّ الدعاء المستجاب، وآدابه بين العبد وربه، ونماذج من هديه ﷺ في ذلك لنقتدي بسنَّته ونتأسَّى به، وتعرَّفنا بما يجب علينا قوله وما لا يجب وما الشروط التي لا يصحُّ إلا بها، حتى إذا استكملها الإنسان يُرجَى له قبول الدعاء، ما إن يأتي الإنسان بها على الوجه المطلوب كانت الإجابة على قدر اجتهاده في تحصيل الشروط والآداب واجتناب موانعه.
مؤلف كتاب كيف يكون الدعاء مستجابًا؟
مطلِق الجاسِر: داعية كويتي، حصل البكالوريوس والماجستير في الشريعة الإسلامية، ونال درجة الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي، يشغل منصب عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، وخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمشرف العام على مركز مرتقى للعلوم الشرعية، مركز بيانات.
من أبرز مؤلفاته: «المدخل إلى المعاملات المالية الإسلامية المعاصرة»، و«النقود والمصارف في الشريعة الإسلامية» و« زاد المسلم من العلم النافع».