الأزمات الاقتصادية
الأزمات الاقتصادية
ينتظم تاريخ الاقتصاد العالمي وفق منحنى الدورات الاقتصادية التي تتكوَّن من قمم التوسع والازدهار وقيعان الانكماش والركود، فالعالم خرج من قاع الكساد في الفترة ما بين الحربين إلى ازدهار ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي استمر لربع قرن تقريبًا حتى نهاية الستينيات، ثم انزلق بعد ذلك إلى قاع الانكماش جراء بعض الأزمات التي حدثت في السبعينيات من القرن الماضي.
ولعل أبرز الأزمات التي تعرض لها الاقتصاد العالمي هي أزمة نظام النقد الدولي الذي كان قد وُضع بموجب اتفاقية بريتون وودز في أعقاب الحرب، حيث تم فك الارتباط بين الدولار الأمريكي والذهب فيما يُعرف بصدمة نيكسون الشهيرة عام 1971 وتم تعويم الدولار، مما أنشأ بدوره موجات تضخمية أصابت باقي عملات الدول الأخرى، أما ثاني أزمات الاقتصاد العالمي فتمثلت في ارتفاع أسعار النفط جراء تخفيض الإنتاج من قِبل دول الأوبك (منظمة الدول المصدرة للنفط) وحظر تصديره إلى الدول المتعاونة مع الكيان الصهيوني على خلفية حرب أكتوبر عام 1973 فكانت تلك الصدمة النفطية الأولى التي أربكت مشهد الاقتصاد العالمي برمَّته مما كان له الأثر في ارتفاع الأسعار وزيادة المديونية العالمية.
على الجانب الآخر وبالتزامن مع الاستقلال السياسي للدول في نهاية الستينيات من القرن الماضي برزت على الساحة مشكلات التنمية في البلدان الفقيرة، ومع تنامي الفوائض المالية النفطية في البنوك التجارية العالمية اتجهت تلك البنوك بهدف الاستثمار لتشجيع الدول النامية على الاقتراض، مما فجر أزمة مديونية عالمية عام 1982 نتيجة عدم قدرة بعض الدول على السداد، وعلى الجانب الآخر نجد دولًا عدة في جنوب شرق آسيا أخذت بسياسات تنموية مختلفة تعتمد على الاندماج في السوق العالمي ورغم تحقيقها نجاحًا استمر ثلاثة عقود تقريبًا فقد وقعت في خضم أزمة مالية عام 1997 عُرِفت بأزمة النمور الآسيوية نتيجة انهيار عملاتها وهروب رؤوس الأموال الأجنبية خارجها.
الفكرة من كتاب النظام الاقتصادي الدولي المعاصر
الاقتصاد مرآة تعكس السياسة، فكل تطور اقتصادي يشهده أي بلد لا بد أن يؤثر في وضعه السياسي، وقد ثار جدل أزلي بين الاقتصاديين والسياسيين فيمَنْ يقود مَنْ أو مَنْ يؤثر أكثر في الآخر، ولكن يتفق الجميع أن فَهم أبجديات الاقتصاد العالمي يعد محددًا مهمًّا للوقوف على فهم السياسة العالمية اليوم.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي سبَّبتها جائحة فيروس كوفيد 19 (كورونا)، يقدم هذا الكتاب مراجعة حية للاضطراب التاريخي الحاصل في الاقتصاد العالمي، في سياق رؤية مفصَّلة للاتجاهات الاقتصادية والتجارية والجيوبوليتيكية التي حدَّدت الأطر الحاكمة للنظام الاقتصادي العالمي اليوم بدايةً من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الحرب الباردة.
مؤلف كتاب النظام الاقتصادي الدولي المعاصر
حازم عبد العزيز الببلاوي: كاتب وعالم اقتصاد، ولد في 17 أكتوبر 1936، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية، من جامعة جرينوبل، بفرنسا سنة 1961، ودكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية، جامعة باريس، بفرنسا سنة 1964، كما شغل سابقًا منصب رئيس الوزراء في مصر، ويشغل حاليًّا منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
حصل على وسام جوقة الشرف بدرجة فارس من حكومة فرنسا سنة 1992، ووسام ليوبولد الثاني بدرجة كوماندور من حكومة بلجيكا سنة 1992.
له العديد من المؤلفات أبرزها: “الاقتصاد العربي في عصر العولمة”، و”دليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي”، و”نظرات في الواقع الاقتصادي المعُاصر”، و”نظرية التجارة الدولية”.