مقاصد تقنيات الميديا
مقاصد تقنيات الميديا
كلما ازداد انتشار التقنيات في المجتمع اكتسبت أهدافًا ومقاصد لم يكن أحد يتصوَّرها، فقد أعطيت على مر السنين أدوارًا فرضت نفسها، من إعلام وأدوات للعلاقات العامَّة، ووسائل للتسلية وغيرها من الغايات، فما المقاصد الحقيقية لهذه التقنيات؟
المقصد الأوَّل والأساسي هو الإعلام، فالحقيقة أن الأخبار من اختراع الصحف اليومية، وكان ذلك منذ الثورة الصناعية والمعركة من أجل الحريات الشخصيَّة أو السياسة، وقد مارست الصحافة سلطة الرأي والأفكار السياسية، وواجهت احتكار الإنترنت والراديو السينما وغيرها من التقنيات، ولكن لم تصمد الصحافة طويلًا أمام ثغرات الراديو والتلفزيون، ثم تغلغل الإنترنت في تلك الثغور، فلم يعد الصحفيون وحدهم مسؤولين عن نوعية العلام المُقدَّم، فالإعلام أصبح صناعة وسوقًا من الممكن أن يمارسه أي شخص.
أما المقصد الثاني فهو التسلية، وهنا يكمن دور التلفزيون، حين ينقل حفلات الترفيه والأفلام والمنوَّعات وبرامج النقاش إلى كل منزل، ولكن السينما هي من كان لها السبق والبدء في هذا المقصد، حيث كان من المهم أن يُعرَض على المسرح أشكال مختلفة لكلٍّ منها تأثير في المشاهد يدفعه إلى التصفيق أو إلى الضحك أو البكاء وكانت تُسمَّى حينها “منوَّعات” ولم يكن غرض التسلية واضحًا تمامًا، ولكن مع ازدياد الصناعة صار هاجس المجتمع هو الهروب، فقرَّر الناس ألا يفكِّروا ليصبحوا سعداء، فيصل الفرد إلى حالة من التيه المُنقذ، والشرود المُجدِّد للقوى، والتعويض عن الإحباطات اليومية.
والمقصد الثالث هو الاتصال، والمقصود به ليس مجرد تبادل الحوار، بل القصد هو التأثير في الغير، ليبيع له شيئًا، أو ليطبع فكرة معيَّنة في ذهنه أو لإعطاء صورة تدفع إلى التعاطف والاحترام مع رجل سياسي أو مؤسسة معيَّنة، فالاتصال بهذا المفهوم أصبح مرتبطًا على نحو كبير باقتصاد السوق، فالإعلان يبعث رسائل اتصال غير مباشرة تلعب على الرغبات وتعيد تشكيلها، فالحقيقة أن خياراتنا أقل حريَّة مما نعتقد، فإننا نختار أشياء سبق لآخرين أن رغبوا فيها.
الفكرة من كتاب الميديا
تتزايد أهمية الدور الذي تؤديه الميديا كل يوم في موضوع الإعلام والاتصال أو في مجال اللهو والتثقيف، فالصحافة والسينما والإذاعة والتلفزيون والإنترنت جميعها وسائل لتبادل الجسور بين الأشخاص والشعوب والثقافات.
يقدِّم هذا الكتاب تسلسلًا تاريخيًّا لمختلف أنواع الميديا، ويحلِّل أهدافها وغاياتها، فقد حسَّنت أوضاع العالم من ناحية، ولكنها من ناحية أخرى خلقت مشكلات إنسانية على المستويات الاجتماعية والنفسية والفكرية، فلاحظنا أن الفرد يُجري الاتصال مع كل أنحاء العالم متجاهلًا الاتصال مع جاره الذي يسكن في المبنى نفسه، ومن هنا كان الوقوف وتحليل تلك التقنية أهمية كُبرى في فَهم خصائصها وطبيعتها وتأثيرها.
مؤلف كتاب الميديا
فرانسيس بال Francis Balle: أستاذ العلوم السياسية بجامعة بانتيون بباريس، كما أنه مدير معهد البحوث والدراسات في مجال الاتصالات والدراسات الإعلامية (IREC)، وقد شغل العديد من المناصب الرفيعة في الهيئات الرسمية، منها عضوية المجلس الأعلى للوسائل السمعية والبصرية. يُدرس دورات في علم الاجتماع ووسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجامعة وفي معهد الصحافة الفرنسية.
له العديد من المؤلفات والكتب:
صدمة ثقافات.
وسائل الإعلام الجديدة.
علم الاجتماع وعلوم المجتمع.