التقنيات واستعمالاتها
التقنيات واستعمالاتها
كانت أولى تلك التقنيات “الصحافة”، فهي أقدم وسائل الاتصال، وصارت الأخبار من خلالها تُنشَر على نحو دوري منتظم موَّجه إلى العديد من القُرَّاء، وكانت مهمة الصحفيين هي قول ما “جرى” وما “قد يجري” وما “سوف يجري”، وتاريخ الصحافة يرتبط جدًّا بتاريخ الحُرية المدنيَّة والسياسية، فكان الشعار “لا حُريَّة بدون حُريَّة الصحافة”، وبجانب أنها تقوم بدور الإعلام فهي تقدِّم الترفيه والهروب والبحث عن انتماء اجتماعي معين.
والتقنية الثانية هي السينما التي تعد وسيلة للاتصال الجماهيري بعد الصحافة، والسينما مشابهة للسيرك، فهي تُعدُّ استمرارًا للمسرح الشعبي، لكنَّها صارت مؤخَّرًا صناعة ووسيلة إعلامية، بالإضافة إلى أنها صارت مزجًا بين الوهم والواقع، فهي تعطي الشكل لرغبات كل فرد، حيث تلعب على تقمُّص المشاهدين، وتؤدي دورًا كبيرًا في تحريك الجماهير.
أما التقنية الثالثة فهي الراديو، ويعدُّ وسيلة الاتصال الصوتية الأولى بمتناول الجميع، ويستطيع الوصول مباشرةً إلى جمهور كبير، فالراديو له مميزات عن الصحافة والسينما، فهو مُباشر غير مؤجَّل، ولم تغفل السلطة السياسية عن الراديو، فقادة الاتحاد السوفييتي جعلوا الراديو وسيلة لنشر تعاليمهم، حيث كان راديو موسكو يبثُّ برامج منتظمة بلغات عدة، حيث يفتح المواطنون نوافذهم لسماع الفكر النازي، كما أنه بداية اختراع لوسائل الاتصال المستقبلية.
والتقنية الرابعة هي التلفزيون، فهو التقنية التي طبعت على القرن العشرين، إن قدرته على التأثير هائلة، وتاريخه المؤثر بدأ في أواسط القرن، وفرض قواعده في مجالات الإعلام والترفيه وإحياء الحفلات، ولكنَّه أثار قدرًا كبيرًا من المخاوف، وأخيرًا تقنية الإنترنت، وهي من أدوات الملتي ميديا التي تجمع الوثائق المختلفة، وتتفرَّد تقنية الإنترنت بأنها وسيلة اتصالية يمكن مزجها بين أشكال مختلفة من التعبير ومن التصوُّر ومن الاتصال، ومع البريد الإلكتروني أصبح الإنترنت شبكة تربط حواسيب العالم كله، فهو أكبر صحيفة عالمية ومكتبة تضم أكبر عدد من الكتب، كما تضم أسواقًا ضخمة مجهَّزة أفضل تجهيز ومتحفًا خياليًّا.
الفكرة من كتاب الميديا
تتزايد أهمية الدور الذي تؤديه الميديا كل يوم في موضوع الإعلام والاتصال أو في مجال اللهو والتثقيف، فالصحافة والسينما والإذاعة والتلفزيون والإنترنت جميعها وسائل لتبادل الجسور بين الأشخاص والشعوب والثقافات.
يقدِّم هذا الكتاب تسلسلًا تاريخيًّا لمختلف أنواع الميديا، ويحلِّل أهدافها وغاياتها، فقد حسَّنت أوضاع العالم من ناحية، ولكنها من ناحية أخرى خلقت مشكلات إنسانية على المستويات الاجتماعية والنفسية والفكرية، فلاحظنا أن الفرد يُجري الاتصال مع كل أنحاء العالم متجاهلًا الاتصال مع جاره الذي يسكن في المبنى نفسه، ومن هنا كان الوقوف وتحليل تلك التقنية أهمية كُبرى في فَهم خصائصها وطبيعتها وتأثيرها.
مؤلف كتاب الميديا
فرانسيس بال Francis Balle: أستاذ العلوم السياسية بجامعة بانتيون بباريس، كما أنه مدير معهد البحوث والدراسات في مجال الاتصالات والدراسات الإعلامية (IREC)، وقد شغل العديد من المناصب الرفيعة في الهيئات الرسمية، منها عضوية المجلس الأعلى للوسائل السمعية والبصرية. يُدرس دورات في علم الاجتماع ووسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجامعة وفي معهد الصحافة الفرنسية.
له العديد من المؤلفات والكتب:
صدمة ثقافات.
وسائل الإعلام الجديدة.
علم الاجتماع وعلوم المجتمع.