التجديد وما أدراك ما التجديد!
التجديد وما أدراك ما التجديد!
كثرت الدعاوى حديثًا حول قضية التجديد والتشكيك في صلاحية الإسلام الذي نزل في عصر الصحراء أن يحكم عصر الفضاء، وتتلامس تلك القضية مع قضايا التراث والاجتهاد والتنوير ونحو ذلك من القضايا التي أصبحت أشبه بضوضاء أدمغة من كثرة الكلام حولها، ومجمل القول فيها إن الإسلام ينقسم إلى أصول ثوابت وفروع متغيرات، فالأصول لم ولن تكون مناطًا للتجديد ولا ميدانًا له.
فالإقرار بوحدانية الله (عز وجل) ثابت على مر العصور، كما أن أركان الصلاة في عصر الصحراء هي نفسها في عصر الفضاء، لذلك يعد طرح قضايا الإيمان والألوهية وأصول الدين ومدى حجية السنة ومحاكمة القرآن باعتباره نصًّا أدبيًّا يقبل الأخذ والرد هي من قبيل السفسطة ليس إلا.
أما الفروع أو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي “الأحكام الجزئية” فهي مناط التغيير والتجديد في إطار الأصول الشرعية الكلية، وهي تختلف باختلاف الأزمنة والمصالح، فالفقيه إنما يحكم في أي نازلة بأصلين: الأول معرفة الدليل والثاني معرفة الواقع، وعلى ذلك كان الحكم الشرعي ثابتًا لكن الفتوى التي هي إنزال الحكم على الواقع متغيرة، ففي كل عصر استُحدِثت مسائل ووقائع جديدة لم تكن موجودة قبل ذلك مما تطلَّب إعادة النظر للخروج بتكييف شرعي لها، وعلى ذلك فالتراث لم يكن يومًا ما حجر عثرة أمام قضايا التجديد والنظر والاجتهاد، بل مورد خصب للكثير من الاجتهادات والأقيسة ومناهج النظر التي تعد وسيلة لاشتقاق أحكام تناسب واقعنا المعاصر، من هنا يُنزَع فتيل الصدام الموهوم بين العقل والنقل، فليس في الإسلام قاعدة شرعية تُصادم حقيقة عقلية، ذلك أن الذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه الشرع ومحالٌ أن يرسل إليه ما يُفسده.
الفكرة من كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
مع تنامي ظاهرة الجدل والصدام الثقافي وقضايا الاستشراق والغزو الفكري بين المعسكرين الغربي والإسلامي، تأتي أهمية هذا الكتاب في طرحه العديد من المصطلحات التي تمثل في جوهرها قضايا شائكة وأسئلة محيرة للمجتمعين العربي والغربي على السواء، وقد تعدَّدت تلك الإشكاليات من قضايا سياسية إلى اجتماعية وعقدية، مما يضفي على الكتاب لونًا من المنهج الثقافي المقارن لتقريب وجهات النظر وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
مؤلف كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
محمد عمارة مصطفى عمارة: كاتب ومفكر إسلامي مصري، ولد في 8 ديسمبر 1931 بمحافظة كفر الشيخ، وحصل على الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية 1965م من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من الكلية نفسها، شغل عضوية كلٍّ من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وهيئة كبار علماء الأزهر، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، كما كان رئيس تحرير مجلة “الأزهر” حتى 16 يونيو 2015، توفي في مساء يوم الجمعة 28 فبراير عام 2020.
ألَّف محمد عمارة ما مجموعه 147 كتابًا، منها تحقيق 13 عملًا كبيرًا ابتداءً من الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي، وانتهاءً بكتاب “السنة والبدعة” للشيخ محمد الخضر حسين، كما ألَّف خمسة كتب بالاشتراك مع آخرين، ومن أبرز مؤلفاته الأخرى:
التراث والمستقبل.
الغرب والإسلام.
الحركات الإسلامية: رؤية نقدية.