إيذاء الإنسان بتزييف فطرته واستئصالها
إيذاء الإنسان بتزييف فطرته واستئصالها
إيذاء الإنسان، في المقاربة الائتمانية قائم على عنصرين؛ أحدهما “قلب القيم” من خلال فصل الإنسان عن بعض قيمه الفطرية، ويكون ذلك من خلال (إفساد الذاكرة) المتمثل في جعل الفلسطيني يقدح في معتقداته وقيمه مما يؤدي إلى اختلال علاقة الفلسطيني بماضيه، ومن ثم إلى (إفساد الثقة بالذات) المتمثل في فقدان الفلسطيني ثقته بالقدرة على التغيير، ومن ثمَّ اليأس والاستسلام لمصيره حتى يكاد يرى في الجهاد إرهابًا لا دفاعًا عن حقه، فتختل علاقة الفلسطيني بحاضره، مما يؤدي في النهاية إلى (إفساد التوجه) المتمثل في أن نفسه تنازعه بين خيار الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، أو العمل على حفظ خصوصيته، أو يتنازعه خيار المفاوضة أو المقاومة، مما يؤدي إلى اختلال علاقة الفلسطيني بماضيه، وباختلال علاقة الفلسطيني بالزمان وأبعاده الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل، يحدث بالتبعية اختلال في علاقته بالمكان.
والعنصر الثاني الذي يقوم على إيذاء الإنسان، هو “سلب الفطرة”، بحيث يتم اجتثاث واستئصال القيم، بعد أن تمَّ قلبها، حتى يصبح الإنسان بلا فطرة، مقطوع الصلة بعالم الغيب، وصورة هذا السلب “التطبيع” مع الكيان الإسرائيلي، بحيث يتم “تضييع الطبيعة” مما يجعل وجوده في فلسطين مشروعًا، و”تضييع الروح” بحلول إرادة الإسرائيلي مكان الفطرة التي تم استئصالها، وبهذا يكون المطبِّع آثر موت روحه على موت بدنه، باستبدال الإرادة الإسرائيلية القائمة على الأساطير والأوهام بصحيح الحقائق، فينتج عن ذلك “تضييع القداسة” فتصير الأرض المقدسة ليست كذلك، ومن ثم يهون عليه رفع القداسة عن أي شيء بعد ذلك، حتى لو كان هذا المقدس هو (الكعبة)، الناتج هو أيضًا عن (نسيان النظر الإلهي)، وفقدان التمييز بين المقدس والمدنَّس والمعاداة والموالاة، كما يتفنَّن ذلك المطبع في ممارسة للنفاق.
الفكرة من كتاب ثغور المرابطة.. مقاربة ائتمانية لصراعات الأمة الحالية
يرى الدكتور طه عبد الرحمن أن الأمتين الإسلامية والعربية تخوضان صراعات فيما بينهما وبين غيرهما، كما أن الإخوة يقتتلون فيما بينهم، وأن مثل تلك القضايا الكيانية توجِّب علينا تقديم النظر الفلسفي على التحليل السياسي، لذا يقوم ببحث الجوانب الفلسفية المتعلقة بتفريط العرب في القدس من خلال التطبيع، والصراع (الإسلامي الإسلامي) بين النظامين السعودي والإيراني على بسط النفوذ على العالم الإسلامي، واقتتال العرب فيما بينهم من خلال انتشار ثقافة القتل.
مؤلف كتاب ثغور المرابطة.. مقاربة ائتمانية لصراعات الأمة الحالية
طه عبد الرحمن، فيلسوف مغربي متخصِّص في علم المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين منذ سبعينيات القرن الماضي، كتب عشرات الكتب، ومنها: “العمل الديني وتجديد العقل”، و”سؤال الأخلاق”، و”روح الحداثة”، و”بؤس الدهرانية”.