العصبية القبلية الحديثة
العصبية القبلية الحديثة
تتنوَّع المصادر الفنية التي تقدِّم ضروبًا ثقافية مختلفة لها واسع التأثير في نمط المجتمع وتقاليده منها ما هو مكتوب مثل الروايات والقصص وما هو مرئي مثل السينما والمسرح، قد يتساءل البعض: كيف يؤثِّر فيلم أو مسرحية في العقول، أليست تلك مصادر للتسلية فقط؟ والجواب يعتمد على عدة عوامل منها: ثقافة وتعليم الفئة المجتمعية التي يستهدفها العمل الفني ومدى قدرته على وضع ذلك العمل في حدود الترفيه أم لا، وكذلك يعتمد على فارق السن، فغالبًا فئة الناضجين وكبار السن يتعاملون مع تلك المُدخلات بحكمة.
أمَّا الأطفال وصغار الشباب فلا يستطيعون التفريق بين وَهْم العمل الفني وحقيقة واقعه الذي يعيش فيه، ويتعايش الطفلُ مع ذلك العمل شعوريًّا وتنفذ رسائله القيمة أو غير القيمة إلى عقله دون مراقبة نقدية لم تتكوَّن ملكتها بعد عنده، ويتطبَّع بسلوكيات الممثلين ويقلِّدهم ويتأثَّر بهم، ومن هنا كان المدخل الاستعماري لتأصيل الفلكلورية والدراسات الشعبوية في البلاد العربية كلِّ بلدٍ على حِدة، وهي دراسات تختصُّ بإعادة تقديم القصص الشعبية والحكايات والعادات والأساطير الخاصة بكل مجموعة سكانية في بلد ما، تنتقل من جيلٍ إلى آخر بالتتابع.
بدأت تلك الدراسات الفلكلورية أول ما بدأت في أوروبا وانتقلت إلينا بعد ذلك بحكم التقليد والنقل، والمشكلة لا تكمن في الفلكلور في حد ذاته لأنه ينتقل بالفعل دون دراسات أو غيره، لكن الفكرة في أهداف الدراسات! والاهتمام الحديث بتلك الدراسات وإنشاء أقسام أكاديمية لها في كليات الآداب وغيرها أصبح سبيلًا للانفصاليين والقوميين للتعظيم المطلق والتمجيد اللا محدود للحضارات القديمة الوطنية قبل الإسلام مثل الحضارة الفرعونية في مصر والحضارة الأشورية في العراق وغيرهما، وهذا هو الهدف المتجدِّد للغرب، لأن إحياء أفكار التعظيم القبلي والحفاظ على فردانية البلاد العربية على الدوام هو الذي يسهم في تلك الهيمنة المستمرة لهم.
وعندما جاء الإسلام ألغى تلك العصبية القبلية ونهى عنها الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وجمَّع العرب تحت لواء واحد يشملهم على اختلافهم أجمعين، فإن عَلَت تلك الصيحات القومية من جديد فإنها تُمزِّق الروابط العربية، وتُشرِّد الطموح الإسلامي وتُبدِّد ما تبقَّى من آمال في عودة البلاد الإسلامية إلى سابق عهدها.
الفكرة من كتاب حصوننا مُهدَّدة من داخلها
رغم أن الواقع العربي والإسلامي اليوم ليس على ما يرام فيجب القول إنه لولا كلمات المفكرين الإسلاميين والعلماء وكل من تنبّه إلى صنيع الاستعمار ومحاولته لاحتلال العقول وتفريغها من الهوية الإسلامية والذاتية العربية، لكان الوضع أسوأ أضعافًا مضاعفة.
في هذا الكتاب، يتحدَّث الكاتب بدايةً عن المجتمع الريفي ومدى تماسكه وكيف مثَّل شوكة في حلق المستعمر، ثم ينتقل للحديث عن القومية والمبالغة فيها حد الانفصال عن بقية العرب، ثم يوضِّح ما تتعرَّض له المرأة المسلمة من ضغوطات خارجية وداخلية، وأخيرًا يسرد المشاريع اللغوية التي كانت محط أنظار المثقفين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وما زالت تتلوَّن بألوان مختلفة إلى اليوم.
مؤلف كتاب حصوننا مُهدَّدة من داخلها
محمد محمد حسين، أديب إسلامي مصري، ولد سنة 1912، وهو باحث في الأدب العربي، وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة، وتدرَّج في التدريس بالجامعات المختلفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وجامعة بيروت، والجامعة الليبية، وتوفي عام 1982.
له العديد من المؤلفات المهمَّة في الأدب والفكر الإسلامي، مثل:
الإسلام والحضارة الغربية.
الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر.
الروحية الحديثة دعوة هدامة.
الهجاء والهجاءون في الجاهلية.