النموذج القياسي للتنمية
النموذج القياسي للتنمية
بحلول منتصف القرن التاسع عشر زادت الهوَّة بين الدول الغنية في أوروبا وأمريكا الشمالية وبين باقي دول العالم التي كانت لا تزال تتعثَّر في أذيال الفقر والتخلف، ومع تصاعد المشكلات والأمراض الاقتصادية المزمنة كان لزامًا على تلك الدول الفقيرة أن تتبيَّن طريق نهضتها والخروج من مستنقع التخلف الاقتصادي لتحاول اللحاق بركب الدول المتقدمة ودخول نادي الأثرياء.
فلجأت لأجل ذلك إلى تبنِّي النموذج القياسي للتنمية الذي اتبعته الدول التي تقدمت علها بذلك تلحق بها، فعملت على إصلاح منظومة النقل الداخلي لديها عبر إنشاء خطوط السكك الحديدية في البلاد وخلق نظام مصرفي قوي وفرض التعريفات الجمركية لحماية الصناعات المحلية من الإغراق الاقتصادي للدول الأخرى، كما اتجهت إلى تبني نهج تعليمي جديد يهتم بالفلسفة الطبيعية للعلوم ويسهم كذلك في دعم عملية الابتكار، ولكن مع مرور الوقت أضحى ذلك النموذج القياسي للتنمية أقل فاعلية، فتجارب التنمية للبلدان المختلفة إنما هي وليدة معادلة اجتماعية مختلفة، ولذا لا يمكن استنساخها في مجتمع آخر وانتظار النتائج نفسها دون إجراء تغييرات عليها.
ففي روسيا الاستعمارية التي كانت أكثر دول أوروبا تخلفًا لوقت طويل حاولت تسريع وتيرة الإصلاح الاقتصادي لديها وفق النموذج القياسي الغربي، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن فظهر تخلُّفها في حرب القرم أمام إنجلترا وفرنسا، والأمر كذلك لم يختلف كثيرًا في دول اليابان وأمريكا اللاتينية في ذلك الوقت الذي انتهجت النموذج الغربي نفسه فلم يتغير حالها كثيرًا، بل زاد من تفاقم الأوضاع، وبذلك أثبت هذا النموذج القياسي الغربي عدم فاعليته في الدول التي لم تحقِّق تقدمها بعدُ.
الفكرة من كتاب التاريخ الاقتصادي العالمي
كيف أصبحت الدول المتقدمة بهذا الثراء اليوم، والدول الفقيرة بهذا التخلف؟ يجيبك هذا الكتاب عبر الطواف السريع في التاريخ الاقتصادي ليحكي لك القصة من البداية، فهو يعرِّج على بزوغ نجم الغرب والثورة الصناعية ونتائجها ثم يدلف إلى الصراع التكنولوجي والإمبراطوريات العظمى، ويحلِّل كذلك نماذج التنمية التي اتبعتها الدول الصاعدة اقتصاديًّا ومدى ملاءمتها لغيرها من الدول.
مؤلف كتاب التاريخ الاقتصادي العالمي
روبرت سي آلن Robert C. Allen: كاتب وعالم اقتصاد، من مواليد 10 يناير 1947 في ماساتشوستس، حصل على بكالوريوس الاقتصاد من كلية كارلتون، مينيسوتا في عام 1969 ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد عام 1975، كما حصل على جائزة رانكي من جمعية التاريخ الاقتصادي لأعماله في عامي 1992 و2003، وشغل منصب أستاذ التاريخ الاقتصادي بجامعة أكسفورد، وزميل الأكاديمية البريطانية.
أصدر مؤلفات عدة أهمها: “من مزرعة إلى مصنع: إعادة تفسير للثورة الصناعية السوفييتية”، و”التنمية الزراعية في جنوب ميدلاندز ، 1450-1850″، و”الثورة الصناعية البريطانية في المنظور العالمي”.