أسباب أخرى للإلحاد
أسباب أخرى للإلحاد
تطرَّق الكاتب إلى أسس نفسية أخرى للابتعاد عن الإله، فمثلًا بتتبُّع سيرة “إدوارد غيبون” نجد أنه خلال حياته كان لديه ميول دينية حقيقية إلا أنه حين وصل إلى أكسفورد تحوَّل فجأة إلى الكاثوليكية الرومانية والتي كانت صدمة لوالده، لأنه في ذلك الوقت كان المجتمع الإنجليزي مناهضًا لهم، فأرسله والده إلى قس بروتستانتي، وتحت ضغط شديد من القس ومن والده عاد إلى البروتستانتية، فقد تكون التجارب المؤلمة مع الشخصيات الدينية والكفاح المؤلم ضمن نفس الدوافع لرفض الإلحاد.
وقد مرَّ بول فيتز بتجربة الإلحاد عندما كان في الجامعة، وذكر أن إلحاده كان لأسباب سطحية بالكامل، فقد وجد صعوبة في الاندماج بالوسط الاكاديمي فرغب أن يكون جزءًا من العالم العلماني الجديد، فرغب أن يقبله العلماء ذوو القوة، وأن يكون مستقلًّا ومتحررًا من كل القيود، فكانت فكرة رفض الإله فكرة مقبولة بالنسبة إليه ولغيره للاستقلال الشخصي ولكنها “رومانسية الاستقلال الذاتي” لا غير. كما ذكر أن الملحد مورتيمر أدلر أشار إلى أن سبب إلحاده أن التدين يتطلَّب تغيير أمور جذرية في الحياة، ولهذا هو لا يريد أن يعيش متديِّنًا.
وقد وسَّع المؤلف الأسباب مع التعمُّق في دراسة مرض “التوحد”، فمريض التوحد لديه مشكلة في فهم أن الآخرين يفكرون، فهم يميلون إلى رؤية الآخرين أشياء مجردة من الحياة العقلية، ويوصف هذا العجز في فهم الآخرين بـ”العمى العقلي”، والذي بدوره يصيب جميع العلاقات بالشلل والإرباك ومن ضمنها علاقته مع الله، فهم يمتلكون فكرًا تجريديًّا عاليًا، لذا يكون أغلبهم خبراء رياضيات وفلاسفة، وهذا ما يمكن تسميته فرط انزياح أدمغتهم نحو النمط الذكوري لأن الرجال عادةً أكثر اهتمامًا بالأشياء، لذا نرى أن الإلحاد ومرض التوحد أكثر في الرجال عن النساء، وهذا لا يعني بالضرورة أن التدين والإيمان بذات إلهية مستحيل على كل من يعاني التوحد.
الفكرة من كتاب نفسية الإلحاد: إيمان فاقد الأب
هل يبني الإنسان معتقداته على الأفكار والبراهين فحسب؟ أم أن هناك عوامل أُخرى قد ينفعل بها الإنسان عند اختياراته؟ في الحقيقة قد يجد البعض صعوبة في الإيمان بالإله نتيجة لظروف خاصَّة سابقة أو حالية إلا أن له الإرادة الحُرَّة بلا شك، ففي هذا الكتاب يفتح لنا الكاتب زاوية جديدة عن دوافع الإلحاد، فيقدِّم “سيكولوجية الإلحاد”، وذلك بالتركيز على المشكلات النفسية لدى المُلحد، وخصوصًا “مشكلة الأب” كما سمَّاها، ومدى تعلُّق مرض التوحُّد بالإلحاد، وقد يقوم المُلحد بنشر الإلحاد الناتج عن حالة نفسية معينة فيتحول ما هو شخصي إلى سياسي، ويصبح الإلحاد ظاهرة اجتماعية لها عواملها الأخرى التي تزيد من انتشارها.
مؤلف كتاب نفسية الإلحاد: إيمان فاقد الأب
الدكتور بول كلايتون فيتز (Paul Clayton Vitz)، وُلد في سنة 1935 ميلاديًّا، عالم نفس أمريكي حصل على البكالوريوس في علم النفس من جامعة ميشيغان ثم الدكتوراه في علم النفس من جامعة ستانفورد.
عمِل الدكتور “فيتز” أستاذًا فخريًّا لعلم النفس في جامعة نيويورك، ويقوم حاليًّا بالتدريس في معهد العلوم النفسية بجامعة الرحمة الإلهية في ستيرلنغ بولاية فيرجينيا، وركَّز عمله على الكشف عن العلاقة بين علم النفس والتديُّن والإلحاد.
من مؤلفاته: Sigmund Freud’s Christian Unconscious
Psychology as Religion: The Cult of Self-Worship