بين المُلحد والُملحدة
بين المُلحد والُملحدة
هناك اختلافات للأسباب النفسية لرفض الإله بين الرجال والنساء، وعلى الرغم من أنه من المرجح أن يكون الأصل النفسي للإلحاد الحاد نفسه عند كلا الجنسين “الأب المعيب” فإن استجابة الطرفين مختلفة تمامًا، فبالنسبة إلى الرجال يبدو أن الإله يعمل بشكل أساسي بوصفه مبدأ للعدالة وينظم أمور العالم، فالحكم والسيطرة الإلهية هما السمتان الأساسيتان للإله بالنسبة إلى الرجال، أما النساء فعلاقتها مع الإله هي الأساس، فإن الملحدات تملأ فراغها اللاهوتي بعلاقات أخرى، فهي تبحث عن علاقات بديلة، فعلى سبيل المثال: رفضت العديد من النسويات المتطرفات فكرة الإله، مفسرات أن إله اليهودية والمسيحية إله “أبوي”، ومن ثم فالعلاقة مع الإله مستبدة للنساء، لما قد قابلته من سوء معاملة أو خيانة أو هجران من شخصيات دينية ذكورية، فاتجهن إلى المساواة بين الجنسين بإعادة تعريف الإله كأنثى.
ومن الأمثلة التي ذكرها الكاتب: سايمون دي بوفوار وهي المفكرة النسوية المتطرفة صاحبة كتاب الجنس الآخر الذي اعتمدت فلسفته في الحركة النسوية المتطرفة، فقد كانت بوفوار مُلحدة، وبتتبُّع سيرتها الذاتية فقد كان والدها غير مؤمن، يُشارك الكتاب الكبار والمفكرين شكوكه، أما والدتها فقد كانت كاثوليكية مؤمنة جدًّا، وقد أثرت والدتها في طفولتها، فقد كانت بوفوار بنتًا مطيعة كما وصفت نفسها، ولكن شعرت بالكثير من التناقض والانزعاج حيث كانت ترى أن الرجال مع كل شكوكهم هم المتفوقون.
وبعمر المراهقة فقدت إيمانها وأصبحت شكوكية أو ملحدة، وفي عمر العشرين قابلت سارتر وكرَّست له نفسها تمامًا حتى إنها تقول: “كانت ثقتي به كاملة تمامًا حيث دعمني بنوع من الأمان التام الذي لا يخيب، والذي شعرت به يومًا ما من والدي، أو من الإله”، فكأنها تضرب بشكل مباشر عن اختلاف تعبير الإلحاد بين الرجال والنساء بعد رفض فكرة الإله، فاستبدلت سايمون علاقتها مع سارتر بعلاقتها مع الإله. وغير سايمون فقد ذكر الكاتب آين راند، وجيل جوستون وكايتميللت.
الفكرة من كتاب نفسية الإلحاد: إيمان فاقد الأب
هل يبني الإنسان معتقداته على الأفكار والبراهين فحسب؟ أم أن هناك عوامل أُخرى قد ينفعل بها الإنسان عند اختياراته؟ في الحقيقة قد يجد البعض صعوبة في الإيمان بالإله نتيجة لظروف خاصَّة سابقة أو حالية إلا أن له الإرادة الحُرَّة بلا شك، ففي هذا الكتاب يفتح لنا الكاتب زاوية جديدة عن دوافع الإلحاد، فيقدِّم “سيكولوجية الإلحاد”، وذلك بالتركيز على المشكلات النفسية لدى المُلحد، وخصوصًا “مشكلة الأب” كما سمَّاها، ومدى تعلُّق مرض التوحُّد بالإلحاد، وقد يقوم المُلحد بنشر الإلحاد الناتج عن حالة نفسية معينة فيتحول ما هو شخصي إلى سياسي، ويصبح الإلحاد ظاهرة اجتماعية لها عواملها الأخرى التي تزيد من انتشارها.
مؤلف كتاب نفسية الإلحاد: إيمان فاقد الأب
الدكتور بول كلايتون فيتز (Paul Clayton Vitz)، وُلد في سنة 1935 ميلاديًّا، عالم نفس أمريكي حصل على البكالوريوس في علم النفس من جامعة ميشيغان ثم الدكتوراه في علم النفس من جامعة ستانفورد.
عمِل الدكتور “فيتز” أستاذًا فخريًّا لعلم النفس في جامعة نيويورك، ويقوم حاليًّا بالتدريس في معهد العلوم النفسية بجامعة الرحمة الإلهية في ستيرلنغ بولاية فيرجينيا، وركَّز عمله على الكشف عن العلاقة بين علم النفس والتديُّن والإلحاد.
من مؤلفاته: Sigmund Freud’s Christian Unconscious
Psychology as Religion: The Cult of Self-Worship