نشأة عماد الدين وصعوده
نشأة عماد الدين وصعوده
وُلد عماد الدين زنكي سنة 477هـ وهو الابن الوحيد للقائد آق سنقر، نشأ في حلب وقضى طفولته بها، ودرَّبه والده على الفروسية والرماية حتى بلغ عشر سنوات وعندها تُوفِّي والده، وربَّته أمه التي عاشت حتى رأته يحكم الموصل، وكان عماد الدين زنكي حسن المظهر، أسمر اللون، معتدل الطول شديد الهيبة، كما كان ذكيًّا ذا دهاء ومكر، يعد نفسه لأسوأ الاحتمالات، ولما كبر عماد الدين تزوج وأنجب من زيجاته الست ابنه الأكبر سيف الدين غازي، ونور الدين محمود وقطب الدين مودود ونصر الدين أميران، وورث أولاده عنه الشجاعة والنجابة والأخلاق الحميدة.
لم ينسَ السلطان السلجوقي ولاء آق سنقر واهتمَّ بعماد الدين، ولما تولى أمر الموصل الأمير كربوقا سنة 489هـ أولاه اهتمامًا خاصًّا بعدما طلب من مماليك أبيه في حلب إحضاره إليه، وقرَّبه أمراء الموصل من بعد كربوقا.
وفي عام 507هـ التحق زنكي بخدمة الوالي الجديد “جيوش بك” وانضم إلى جيش الأمير آق سنقر البرسقي لقتال الصليبيين، فقاتل بشجاعة كبيرة في الرها وسميساط وسروج، وبعد وفاة السلطان السلجوقي محمد عام 511هـ خلفه ابنه السلطان محمود الذي قدَّر مكانة زنكي وأهميته، وولَّاه والي الموصل الجديد “عز الدين البرسقي” إمارة البصرة وواسط، وفي عام 521هـ توفي “البرسقي” فولَّى السلطان عماد الدين زنكي على الموصل، كما سلمه ولديه ألب أرسلان والخفاجي لتربيتهما كعادة سلاطين السلاجقة ليلُقَّب بلقب “الأتابك” ومعناه “الوالد الأمير” وعُرفت السلالة التي أعقبت زنكي بعد ذلك باسم “الأتابكة”.
الفكرة من كتاب السلطان الشهيد عماد الدين زنكي
لم يكن المشروع الإسلامي الذي حقَّقه صلاح الدين الأيوبي ومن قبله نور الدين زنكي إلا استكمالًا لما بدأه قائد مُسلم وسياسي بارع يُدعى عماد الدين زنكي، إذ بدأ الأمر من مدينة لم يتوقع أحد أنها ستكون يومًا ما الانطلاقة نحو توحيد مصر وبلاد الشام وتحرير الأقصى، وهي مدينة الموصل.
وفي الوقت الذي ضعفت فيه البلاد الإسلامية وتفكَّكت حتى اعتبرت كل مدينة نفسها دولة تحارب جارتها المسلمة، يخرج هذا الأمير أو كما عُرِف بالأتابك، من إمارته الصغيرة نحو مشروعه الضخم الذي سيشهد نجاحًا غير مسبوق استحق تحرير الأقصى!
مؤلف كتاب السلطان الشهيد عماد الدين زنكي
علي محمد محمد الصلابي: فقيه ومؤرخ ومحلِّل سياسي ليبي الجنسية، نال درجة الماجستير في أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن، كما حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية.
له العديد من المؤلفات منها: “دولة السلاجقة: موسوعة الحروب الصليبية”، و”الشورى فريضة إسلامية”، و”صفحات مشرفة من التاريخ الإسلامي”، و”فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب”.