النسبية الأخلاقية
النسبية الأخلاقية
تعني النسبية الأخلاقية اختلاف معايير الصواب من ثقافة إلى أخرى، فليس هناك صواب مطلق في المجال الأخلاقي، وترجع النزعة النسبية للأخلاق إلى الحركة السوفسطائية والتي تعد البداية الحقيقية للنزعة الإنسانية في الفكر الغربي، حيث تبنَّت السوفسطائية نسبية القيم وسلطة الحواس وتأكيد أن الحقيقة المطلقة لا وجود لها، وبناءً عليها تبنَّى الإنسانويون فكرة أن الأخلاق ليست مستمدَّة من الدين وليست متعالية على المادة وإنما فرضتها الطبيعة واستحسنتها التجربة، ويرجع سبب ذلك إلى الأحداث التاريخية في العصور الوسطى في أوروبا، حيث حاول فولتير تأسيس فلسفة تنفي الأصل الإلهي للأخلاق والمبالغة في تقديم رغبات الإنسان الحسي الشهواني ومراعاة حاجاته وملذَّاته، وظهرت التيارات المنادية بالفصل بين القانون والأخلاق لتدعيم الحقوق الفردية باعتبار الأخلاق قيدًا على الحريات.
ويكمن خطر النسبية الأخلاقية فيما يترتب عليها من آثار مدمرة على المستوى السلوكي، ومن أمثلة ذلك ارتضاء الشذوذ كسلوك طبيعي في بعض البلدان والدفاع عن حق الأفراد في ممارسته وتجريم إطلاق لفظ شذوذ على تلك الممارسات واستبداله مصطلح مثلية بحيث تبدو أكثر لطافة.
وجوهر الإنسانوية هو النفعية والقيم النسبية، مما يؤول إلى الفساد الأخلاقي العريض ومركزية المنفعة واللذة وإجازة الأفعال الشنيعة المخالفة للفطرة السوية بحجة قبولها اجتماعيًّا تحت مسمى الحرية الفردية، مما دفع البعض إلى الاعتراف بأن السبيل الوحيد للوصول إلى معايير متفق عليها للقانون هو الاعتراف بالوحي السماوي قانونًا، وقد أدرك ذلك جون لوك فقال: “لا يمكن التسامح مع الذين يُنكرون وجود الله؛ فالوعد والعهد والقسم التي هي روابط المجتمع البشري ليس لها قيمة بالنسبة إلى الملحد”.
وأحد الآثار الوخيمة للمذهب الإنسانوي هو إعلاء قيمة الأنا والفردانية في مقابل التماسك الأسري والمصالح المجتمعية، وتغليب الحقوق الفردية على حقوق المجتمع، فيجب حماية القاتل من عقوبة القصاص، وحماية السارق من عقوبة القطع؛ دفاعًا عن حقوقه الإنسانية دون النظر فيما ينجم عن ذلك من ضياع حقوق سائر أفراد المجتمع وانتشار الرعب والخوف والجرائم.
الفكرة من كتاب الإنسانوية المستحيلة
ما المقصود بالنزعة الإنسانوية، وما أهم المحطات الفكرية المتعلقة بها، وما علاقة الدين الإنسانوي بالإلحاد والداروينية، ما موقع الإنسان في كلٍّ من الدين الإنسانوي والإسلام؟
في هذا الكتاب، يستعرض الكاتب أهم المحطات الفكرية المتعلقة بالنزعة الإنسانية كمنهج حياة وتشريع، ودعوتها إلى إخراج الإنسان من أية قيود إلهية، ونظرتها إليه على أنه كائن تقوده شهواته وإغفالها للحياة ما بعد الموت، وإلغاء الاعتبارات والمآلات القيمية والأخلاقية، مع مقارنة ذلك المنهج بما في الإسلام من توضيح حقيقي وعملي للإنسان.
مؤلف كتاب الإنسانوية المستحيلة
إبراهيم بن عبد الله الرماح: مهندس سعودي، حصل على بكالوريوس الهندسة الصناعية والنظم بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وحصل على بكالوريوس الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود، وحصل على ماجستير فقه السنة من جامعة المدينة العالمية، ودكتوراه الهندسة النووية من جامعة مانشستر.
من أهم مؤلفاته: بحث بعنوان “مفهوم العلم في القرآن”، و”علة الربا”، و”الاستشراق: المفهوم.. النشأة.. الدوافع”، وبحوث أخرى في تخصص الهندسة.