الكذب بين الدول
الكذب بين الدول
أطلق أحد السفراء تعليقًا مشهورًا بأن السفير هو “رجل أمين” أرسل خارجًا ليكذب من أجل مصلحة دولته، وتوضح هذه العبارة حقيقة كذب الدول بعضها على بعض لتحقيق المصالح الوطنية، ويوضح الكاتب أن هذا التعليق غير دقيق لأن القادة السياسيين وممثليهم الدبلوماسيين في الواقع يتعاملون بالصدق أكثر من الكذب، وقد يكتمون الخظأ ولكنهم لا يكذبون، ومن الصعب تحديد حجم الكذب بين الدول مقارنة بالكتمان والتلفيق، ويوضح المؤلف أن عدم وجود الكذب بين الدولتين مبني على عدم وجود أمثلة عن حكام يكذب بعضهم على بعض، وبالتأكيد تعريف الشخص لمفهوم الكذب يؤثر في أي تقييم لمدى وجود كذب بين الدول، والتعريف الضيق أكثر منطقية، فمن خلاله يسهل التمييز بين أنواع الخديعة، ولماذا يطبِّق كل نوع منها.
والدول التي تعيش في حالة فوضى تمتلك نزعة قوية لاستعمال العنف من أجل البقاء، وبالتأكيد تستعمل الكذب، وتصبح المحاولة لتقييم نوايا دول أخرى أمرًا صعبًا لأن النوايا في عقول أصحاب القرار ومن الصعب قياسها، وأحد أسباب قلة الكذب في السياسات الدنيا ضآلة الفائدة التي تُجنى من الكذب، وضخامة التكاليف الناتجة عن الخديعة، وأنه إذا ظل الرؤساء يكذب بعضهم على بعض، فإن التعامل البنَّاء فيما بينهم سيصبح مستحيلًا في المستقبل، وإذا اعتاد أحد القادة الكذب، فستسوء سمعته بين أقرانه، ويصعب التعامل معه في عقد الاتفاقات فيؤثر سلبًا في دولته.
والسبب الرئيس لكذب القادة على الدول الأخرى يعود إلى كسب تفوق استراتيجي عليها، ولأن الدول تعيش في فوضى ولا أحد يحميها إلا ذاتها.
الفكرة من كتاب لماذا يكذب القادة؟
يتحدث الكاتب عما أسماه “الكذب الاستراتيجي”، أو “النبيل” الذي يستخدمه القادة لتحقيق مصالح الشعب أو الوطن، لا المصالح الشخصية، ويرى أن الكذب نوعٌ من الخداع بالإضافة إلى الإخفاء والتلفيق، ويدرس أنواع الكذب الاستراتيجي، أهدافها ودوافعها وأشكالها، ومتى تزداد ومتى تقل، وأهمها إثارة المخاوف والتعمية أو التغطية الاستراتيجية وصناعة الأساطير.
مؤلف كتاب لماذا يكذب القادة؟
جون ميرشايمر John J. Mearsheimer: أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، تخرَّج عام 1970، وحصل على الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا، وقد داوم في كلية الخريجين بجامعة كورنيل عام 1975 وحاز شهادة الدكتوراه عام 1980.
له مؤلفات كثيرة عن القضايا الأمنية والسياسة الدولية بوجه عام، ومنها:
ليدل هارت ووطأة التاريخ.
مأساة سياسة القوى العظمى.
العائق النووي والأخلاق الاستراتيجية.