اقتصاد السوق
اقتصاد السوق
يعد نظام السوق أحد منتجات التطور الاقتصادي للدول، كنتيجة للتخصُّص وتقسيم العمل اللذين أوجبا نوعًا من التبادل، فهي تنظيم دقيق للنشاط الاقتصادي عبر الإرادة الجماعية من الوحدات الاقتصادية المختلفة، ورغم أن المتعاملين في الأسواق لا يدركون الكثير عن آلياتها وفهم خباياها، فإنهم يتعاملون تلقائيًّا وكأنهم يتبعون تلك الآليات، وهذا ما يُعرَف بمصطلح “اليد الخفية” لآدم سميث، فالمصلحة العامة –وفق المدرسة الكلاسيكية– ما هي إلا حاصل جمع للمصالح الخاصة المختلفة، وعلى ذلك فالاقتصاديون الذين جاؤوا بعد ذلك أدلوا بدلوهم في فهم طبيعة عمل السوق وآلياتها إنما تكلَّموا عن ما هو كائن بالفعل لا عما يجب أن يكون.
ولكن ليس هناك شيء مثالي في نهاية الأمر، فالسوق وإن كانت أداة لتحقيق التوازن الاقتصادي، إلا أنها في الوقت ذاته ليست نظامًا مثاليًّا، فهي لا تخلو في الواقع من بعض الانحرافات والاختلالات، لذا لا يمكن أن تُترك وشأنها حتى لا تتفلَّت من عقالها فتفسد أكثر مما تصلح، لذا يتطلَّب الأمر دولة قوية للسيطرة على جماح الأسواق.
وإذا كان هناك ساقان لأي نظام اقتصادي، فواحدة منهما بالتأكيد ستكون الملكية، فهي الوقود الذي يدفع المتعاملين في النظام إلى العمل والإنتاج، فحب التملك وإن كان سببًا للتأمين ضد أخطار المستقبل إلا أنه يعد في الوقت ذاته طبيعة بشرية، ومن هنا استفاد النظام الاقتصادي من تسخير تلك الطبيعة البشرية وتوجيهها ناحية دفع عجلة الاقتصاد وزيادة الإنتاج، وتفترق الملكية إلى شقين أحدهما عام والآخر خاص، فالشق العام هو الملكية التي لا تخضع لمبدأ الاستبعاد، فلا يمكن قصرها على فرد بعينه ومن ثم لا تخضع لقوانين السوق، بعكس الشق الخاص وهو المصلحة التي يمكن قصرها على فرد دون غيره، ومن ثم تخضع لآلية السوق.
الفكرة من كتاب دور الدولة في الاقتصاد
الاقتصاد مرآة السياسة، فكل تطوُّر اقتصادي يشهده أي بلد لا بدَّ من أن يؤثر في وضعه السياسي والعكس صحيح، وقد ثار جدل أزلي بين أهل الاقتصاد والسياسة فيمن يقود مَن أو مَن يؤثر أكثر في الآخر، ولكن يتفق الجميع على أن ثمة ترابطًا حدث بينهما خلال حقب التاريخ المختلفة.
عندما اجتاحت الأزمة العالمية عام 2008 الأسواق المالية تخلَّت الدولة عن دور الحارس وتدخَّلت لتنتشل الاقتصاد من أزمته، ويتكرَّر الأمر في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية اليوم، والتي سبَّبتها جائحة فيروس كوفيد 19 “كورونا”، مما جعل البعض يتساءل عن الحدود الفاصلة بين الدولة والاقتصاد، وعلى ذلك يقدم هذا الكتاب مراجعة حية للتطور التاريخي الحاصل في سياق رؤية مفصلة للاتجاهات التاريخية والجيوبوليتيكية التي حدَّدت الأطر الحاكمة للأنظمة السياسية والاقتصادية.
مؤلف كتاب دور الدولة في الاقتصاد
حازم عبد العزيز الببلاوي: ولد في 17 أكتوبر 1936، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957، حصل على دبلوم الدراسات العليا العلوم الاقتصادية، جامعة جرينوبل، فرنسا 1961، ودكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية، جامعة باريس – فرنسا سنة 1964، شغل سابقًًا منصب رئيس الوزراء في مصر، كما يشغل حاليًًّا منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، حصل على وسام جوقة الشرف بدرجة فارس من حكومة فرنسا سنة 1992، ووسام ليوبولد الثاني بدرجة كومانور من حكومة بلجيكا سنة 1992.
له العديد من المؤلفات أبرزها: الاقتصاد العربي في عصر العولمة، ودليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي، ونظرات في الواقع الاقتصادي المعُاصر، ونظرية التجارة الدولية.