التكنولوجيا والحياة الاجتماعية
التكنولوجيا والحياة الاجتماعية
لا شك أن الثورة التكنولوجية الحديثة مثلت حاجزًا بين نمطين مختلفين من الحياة، ومما يميزها عن غيرها من الثورات العلمية السابقة أن تأثيرها خالط الفكر والوعي البشري، فغيرت الكثير من نظرة الفرد ناحية واقعه وبيئته، إلا أن أثر الأنظمة الذكية لم يتوقَّف عند هذا الحد حيث بدأت تشكِّل ما يُسمى بالعالم الرقمي الموازي، والذي يفضل البعض تسميته بالسجن التكنولوجي.
فمن الناحية الاجتماعية أصبح لكلٍّ منا اليوم واقعه الافتراضي الخاص به، بما يشبه البديل عن الواقع المادي في ظل ضغوطات الحياة وتسارعها المستمر، فمن المرجَّح أنك وجدت نفسك في أكثر من مناسبة تتجاهل صديقًا -أو أحد أفراد عائلتك- يجلس معك في نفس الغرفة لأنك منهمك تمامًا في عالمك التكنولوجي الخاص، فهذه التكنولوجيا وإن كانت لن تجعلنا نشعر بالوحدة أو الملل أبدًا، لكنها –يا للسخرية– يمكن أن تجعلنا أقل انتباهًا إلى أقرب الأشخاص إلينا! وكثيرٌ منا يخشى الاعتراف بذلك، فنحن لا نزال نعيش نوعًا ما من الرومانسية مع هذه الأنظمة الذكية، إننا مثل الشباب العاشق الذي يخشى إفساد علاقته العاطفية بالتحدث عنها.
ورغم تهويل البعض من الآثار المستقبلية للذكاء الاصطناعي بصفة عامة وتهوين البعض الآخر منها، نجد أن الأنظمة الذكية أقل خطورة -على الأقل في المدى القصير- مقارنةً مع بعض الأشكال التكنولوجية الأخرى كالهندسة الوراثية والانشطار النووي، ولكن في جميع الأحوال ستظل هناك بعض القضايا الأخلاقية والاجتماعية المطروحة على الساحة، والتي تتطلب نوعًا من المواءمة بين المثالية والواقع، لا سيما أن الذكاء الاصطناعي في نهاية الأمر مجرد آلة قد يحسن أو يساء استخدامها من قِبل الأفراد، لذلك فاللوم لا يتعيَّن أن يقع على البندقية وإنما على من أطلق النار بواسطتها.
الفكرة من كتاب الذكاء الاصطناعي
“إن الأمر يشبه ما يتردَّد في الحكايات والأساطير حول ذلك الرجل الذي يحمل خاتم سليمان والماء المقدس والمصباح السحري ومثل ذلك من الأشياء، فهل هو متأكِّد بعد ذلك من إمكانيته السيطرة على الشيطان؟!”.
يعدُّ الذكاء الاصطناعي الموجة التالية من التطور البشري التي حقَّقت في الآونة الأخيرة قفزات نوعية، مما جعل البعض يرى فيه إيذانًا بنهاية البشرية، بينما رآه البعض الأمل المنشود لتحسين الحياة، وكلا الفريقين لا ينكر الآثار الرهيبة التي أحدثتها تلك الأنظمة الذكية على تشكيل العالم المعاصر، لذا كانت أهمية هذا الكتاب، فأنت ترى المستقبل من خلاله!
مؤلف كتاب الذكاء الاصطناعي
الدكتور بلاي ويتبي Play Whitby: فيلسوف وخبير متخصص في علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي والروبوتات، يعمل في جامعة ساسكس بإنجلترا، تخرج بلاي ويتبي بمرتبة الشرف الأولى من نيو كوليدج، جامعة أكسفورد في عام 1974 وأكمل درجة الدكتوراه في “الآثار الاجتماعية للذكاء الاصطناعي” في جامعة ميدلسكس في عام 2003،كما أنه عضو في الفريق الاستراتيجي للأخلاقيات في BCS، وهو معهد تشارترد لتكنولوجيا المعلومات، تخصَّصت منشوراته في الغالب في مجال الفلسفة والآثار الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، كما تركَّزت آراؤه بشكل خاص على المسؤوليات الأخلاقية للمهنيين العلميين والتقنيين.
ومن مؤلفاته: “تأملات في الذكاء الاصطناعي: الأبعاد الاجتماعية والقانونية والأخلاقية”، و”منظمة العفو الدولي”، و”دليل المبتدئين”.