الأثر النفسي للدين
الأثر النفسي للدين
للنفس في القرآن أنواع منها المطمئنة والأمارة بالسوء واللوامة، ومفاهيم النفس كما وردت في القرآن إلهية المصدر، أما مفاهيم الأنا والهو والأنا العليا فبشرية المصدر، ويثق المؤمن بما ورد في القرآن ثقة مطلقة، بينما آراء فرويد تتنازع فيها معتقداته، لذا فمحاولة التقريب هذه إما أن تضحي بمدلولات المفاهيم الإسلامية حتى تقترب من المفاهيم التحليلية النفسية وإما أن تنحرف بالثانية لتقترب من الأولى ولا فائدة علمية تُجنى من وراء هذا.
وفي علم النفس الغربي هناك نظرتان فيما يتعلق بموقف الغرب من الأثر النفسي للدين، نظرة فريق وعلى رأسهم فرويد، الذي يرى أن للدين أثرًا سلبيًّا في صحة الإنسان النفسية، ويَعُدُّ الدين نوعًا من الوسواس القهري، وفريقٌ آخر بدءًا من ويليام جيمس مرورًا بأبراهام ماسلو وانتهاءً بالكثير من الباحثين المعاصرين من أمثال سكوت بيك وغيره، يعترفون بأهمية الدين للصحة النفسية وأثره الإيجابي فيها، والجدير بالذكر أن كفة الفريق الثاني بدأت ترجح منذ الثمانينيات حتى الآن وبدأ الحديث عن علم نفس ديني.
ومن منظور إسلامي يرى كمال إبراهيم موسى أن المناعة النفسية مفهوم مركزي لتفسير الصحة النفسية، فيعدها بمنزلة المتغير الوسيط بين الدين والصحة النفسية، وهذه المناعة النفسية هي مناعة ضد التأزم والقلق ويُعرفها بأنها “مفهوم فرضي، يُقصد به قدرة الفرد على مواجهة الأزمات والكروب، وتحمل الصعوبات والمصائب، ومقامة ما ينتج عنها من أفكار، ومشاعر غضب وسخط وعجز وانتقام، أو أفكار ومشاعر عجز ويأس وانهزامية”.
ومن أنواع المناعة النفسية بجانب الطبيعية والمكتسبة من الخبرات، نوع ثالث هو المناعة النفسية المكتسبة صناعيًّا، والتي يكتسبها الإنسان من تعرضه عمدًا لمواقف مثيرة للقلق والضغط النفسي، مع تدريبه للسيطرة على انفعالاته وأفكاره وإبدال أفكار إيجابية بها، وهذا بالضبط ما تقوم به بعض الأوامر الإسلامية وتُنشط بهذا جهاز المناعة النفسي وهذه الأوامر مثل: الرضا وترك السخط، التفاؤل وترك التشاؤم، الصبر وترك الجزع، الحب وترك العداوة، العفو وترك الانتقام (كظم الغيظ، والصفح عن الإساءة، والإحسان للمسيء)، الصدق وترك الكذب، القيام بالواجبات وترك الانحرافات. وبهذا يكون تأثير الدين في الصحة النفسية للفرد بقدر تأثيره في المناعة النفسية تأثيرًا إيجابيًّا وبقدر التزام الفرد بهذه الأوامر.
الفكرة من كتاب الدين والصحة النفسية
أعمال العنف في العالم الآن في تزايد، بعضها من جماعات تعتنق دينًا أو عقيدة معينة وتقتل المدنيين العزَّل بدعوى تلبية نداء هذا الدين، كالذين قَتَلوا مدنيين في قطار طوكيو معتقدين أنهم يخلصونهم من عذاب الدنيا، أو كما قُتِل المدنيون العزل من المسلمين.
هذه الوقائع تؤكد ما للدين من تأثير قوي في سلوك أتباعه، المستقيم منهم والشاذ، وهذا التأثير قد يصل إلى حد إزهاق أرواحهم أو أرواح غيرهم، وهو ما جعل الكاتب يدرس هذه العلاقة بين الدين والصحة النفسية التي تلقي بأضواء كاشفة على فهمنا لتأثير الدين في سلوك أتباعه.
مؤلف كتاب الدين والصحة النفسية
آزاد علي إسماعيل: متخصص في علم النفس، وله دراسة منشورة عن جامعة الخليل بعنوان “الرضا الوظيفي والاحتراق النفسي لدى المدرسين في كردستان العراق”، وكتابه هذا “الدين والصحة النفسية” الصادر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي.