ظلام حالك
ظلام حالك
تنقسم شبه الجزيرة العربية إلى خمسة أقسام أساسية: تهامة، ونجد، والحجاز، والعَروض، واليمن؛ وقد استوطنها العرب قديمًا، والعرب ثلاث طبقات: العرب البائدة، ومنهم (عاد) و(ثمود)، والعرب العاربة: وهم عرب الجنوب، من قبائلهم (حِمْيَر) و(كهلان)، والعرب المستعربة الذين اختلط دمهم بدم غير عربي؛ حيث تزوج إسماعيل (عليه السلام) منهم، وهم عرب الشمال من نسل (عدنان)، ومنهم (قريش).
غلب طابع الحياة البدوية على شبه الجزيرة العربية، فكانت “القبيلة” هي ركيزة الحياة الاجتماعية والسياسية، مما جعل الصراع من أجل الماء والمرعى والأمن طبيعيًّا مألوفًا، ومن هذه الطبيعة القبلية تأصَّلت مجموعة من القيم الإيجابية كقيم الشجاعة والنخوة والكرم وأخرى سلبية سادت عند العرب الجاهلية كالعصبية الذميمة والثأر والانتقام وانحطاط قيمة المرأة ودورها في تلك الغابة، فقد كان الظلم وسيلة لدرء ظلم متوقع، وكانت النصرة للقبيلة فضيلة حتى لو كانت القبيلة على باطل!
لقد وجدت استثناءات خارجة على نمط الحياة القاحلة هناك تمثلت في حضارة اليمن، وفي عدة مراكز حضارية أخرى: مكة والتي تمتعت بمكانة تجارية ودينية رفيعة، ويثرب بما فيها من زراعة وحدادة، والطائف باعتدال مناخها وشهرة بساتين العنب فيها، وعلى الرغم من وجود ملحوظ لليهودية والنصرانية والمجوسية في شبه الجزيرة العربية، فإن الوثنية كانت أعمق جذورًا منهم، ويرجع ذلك إلى تأصُّل الملة الحنيفية في نفوسهم أول الأمر، فلما طال بهم الأمد وبعُدَ عهدهم بدين النبي إبراهيم (عليه السلام) لم تفطن الأجيال اللاحقة إلى أن الأجيال الأولى إنما حملوا الحجارة من عند الكعبة في أسفارهم حبًّا في المكان لا لتعظيم تلك الحجارة أو عبادتها، ومع ذلك فقد وُجد بينهم من اهتدى إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك بفطرته.
الفكرة من كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم: حياته وتطور الدعوة الإسلامية في عصره
ساد الظلام العالم، وتهيَّأت الأرض لاستقبال عطايا السماء والمنحة الإلهية بمنهج رباني ينير للبشرية كافة طريقها ويطمس الجاهلية، ولما كان الأمر عسيرًا على البشرية أن تتغيَّر في يوم وليلة، مرَّ التغيير بمحطات كبرى وصعوبات.
يقدِّم هذا الكتاب السيرة النبوية المطهرة، مستعرضًا أهم مسارات وسُبل الدعوة الإسلامية وما واجهها من صعاب في كل مراحلها، منذ أن كان العالم مظلمًا يسوده الجهل بالله وبالتوحيد الحق إلى أن أشرقت الأرض بنور ربها واستقرت الرسالة الإلهية وكُتب لها الخلود.
مؤلف كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم: حياته وتطور الدعوة الإسلامية في عصره
عبد الرحمن أحمد سالم: مؤلف وأستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة بكلية دار العلوم، تخرج في جامعة القاهرة عام 1967 وكُلِّف معيدًا بالقسم نفسه، وحصل على درجة الماجستير عام 1974 في موضوع “التاريخ السياسي للمعتزلة حتى نهاية القرن الثالث الهجري”، ثم أوفد في بعثة دراسية إلى إنجلترا عام 1976 وحصل على الدكتوراه من جامعة برمنجهام عام 1983.
نُشر له: “المسلمون والروم في عصر النبوة”، ويتناول العلاقات الإسلامية البيزنطية ودوافع وأسباب الصراع بين الكيان الإسلامي الوليد والمملكة البيزنطية، وكتاب “الفكر السياسي الإسلامي: قراءة عصرية”، ويناقش إمكانية ترجمة الفكر السياسي في الإسلام إلى نُظم سياسية ومدى صلاحيته.