الجينات.. نحو دراسة أدق
الجينات.. نحو دراسة أدق
وبعد أن تم تحديد الجينات، جاءت التطورات الساعية إلى عزلها وتحليلها لفهمها على نحو أعمق مما يمكِّن العلماء من التدخل فيها، ليخرج لنا علم الهندسة الجينية، وقد بدأ الأمر باستطاعة تقطيع شرائط الحمض النووي بواسطة إنزيمات الحصر وإدخال جزيئات من الحمض النووي معاد التكوين ثم لصقها بواسطة الإنزيمات اللاصقة، وقد أصبح الباحثون بذلك قادرين على تحديد الترتيب الدقيق الذي تتبعه النيوكليوتيدات إلى طول جزيء الحمض النووي “المقطع”.
وإذا عرف الباحثون مقطع وحدة جينية معينة سيمكنهم بذلك صناعة ما يشاؤون من جزيئات الحمض النووي كيميائيًّا، وقد طُبِّقت أساليب عزل الجينات ودراستها على الكائنات كالحيوانات والنبات والكائنات المجهرية، وقد شكَّل هذا التدخل الجيني ثورة في المجال الزراعي لتحسين نسل أجيال النباتات والحيوانات بتكوين أحياء معدلة جينيًّا، وقد سبَّب هذا التطور الهائل في الهندسة الوراثية مستوًى عاليًا من القلق والتخوُّف من النتائج الخطيرة التي قد تنتج بعد ذلك ولا يمكن التحكم بها، لذا تم تجميد الأبحاث في هذا المجال بعد مؤتمر أزيلومار عام 1975م وأصبحت الهندسة الوراثية خاضعة لضوابط قانونية صارمة تم تخفيفها مع الوقت.
لم يؤدِّ تخفيف هذه الضوابط الصارمة إلى وضع حدٍّ للجدل القائم على هذه التكنولوجيا، وقد أخذت الكائنات المعدلة جينيًّا اختصار (OMG) المأخوذ من الحروف الأولى لاسمها، خصوصًا بعد تطور التجارب على الحيوانات والنباتات كزراعة جين بشري في خلايا بعض الثدييات بهدف الحصول في لبنها على بروتين ذي فوائد علاجية، وكانت المعارضة لهذه التجارب إما لأسباب فلسفية وإما لأن الأمر لا يزال مبكرًا على هذه الأبحاث.
الفكرة من كتاب ما الجينات؟
استطاعت معرفة البشر الدقيقة للجينات تحسين ظروف البشرية بصورة كبيرة، إذ ضاعفت الإنتاج الزراعي فقضت على مجاعة كانت تنتظر العالم الذي كثر سكانه، كما ساعدت البشر على معرفة الأمراض الوراثية وفهمها للحد منها، حتى وصل الأمر مع التطور الذي سبَّبه البرنامج الدولي “الجينوم البشري” إلى النظر في جينات الإنسان نفسه عن فرضية أن الموروثات الجينية هي التي تقرِّر كل شيء في حياتنا من خصائصنا البيولوجية إلى سلوكياتنا الاجتماعية والثقافية.
يتحدث هذا الكتاب عن الجينات وأهمية الحمض النووي، وكيف تنتقل معلوماتنا الوراثية، هل يمكن للبشر تعديل خصائصهم الوراثية؟
مؤلف كتاب ما الجينات؟
شارل أوفراي: كاتب ومتخصص في علم الجينات الجزيئي، يعمل مديرًا للأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي، كما يُعدُّ أحد العاملين الرئيسين في مجال برنامج الخريطة الجينية البشرية الدولي.
من أهم مؤلفاته: كتابا “الخريطة الجينية البشرية”، و”ما الحياة؟”.