قبل الاقتناء وبعده
قبل الاقتناء وبعده
“لا تجعل كتابك بوقًا ولا صندوقًا”! أي لا تطوِه فيصير كالبوق ولا تُكثِر من وضع الأشياء فيه فيصير كالصندوق، وهذه العبارة قالها أحد العلماء في الحثِّ على العناية بالكتب قديمًا، بل وقد بلغ من دقة أهل العلم أنهم ذكروا صفة وضع الكتاب عند القراءة، وأتساءل لو أنهم رأوا حالنا مع الكتاب اليوم ماذا سيكون قولهم! ونحن إذ نسلك مع الكتاب سلوكًا خاطئًا في العناية به نعجِّل من تلفه، ومن تلك السلوكيات الخاطئة وضعه مقلوبًا واستعمال العنف في فتحه أو إغلاقه وكثرة بلِّ الصفحات في أثناء التقليب أو طيِّ الصفحات لتذكُّر موضع القراءة.
من التعامل الخاطئ مع الكتب أيضًا ما يحدث عند ترتيب المكتبة من وضع الكتب بعضها فوق بعض، ووضع الكتب الكبيرة فوق الصغيرة وترتيبها على نحو مائل، وإنما الصواب أن توضع الكتب بعضها بجانب بعض بصورة قائمة، وأن يتم تفقُّدها بالعناية والتنظيف، وأن يُصلح التالف منها ويُحذر من الأرضَة، فإن أصابت كتابًا فالمسارعة بالعلاج وعزل الكتاب الذي أصابته لئلا يُتلِف الباقي، ولقد وفَّرت الكتب الإلكترونية الكثير اليوم وقلَّلت من الأضرار التي يمكن أن تتعرَّض لها الكتب الورقية إلا أن لها أضرارًا أخرى والبعض لا يفضلها، كما أنه لا غنى بالطبع عن الكتب الورقية بأيِّ حال.
وقبل ذلك كله هناك بعض الإرشادات المهمَّة لمن هو في أول طريق الاقتناء وتأسيس المكتبة الخاصة به، فعليك أولًا بسؤال أهل الخبرة ومتابعة أخبارهم وما ينشرونه عن الكتب من قوائم وترشيحات ثم تحديد الإمكانيات المالية بحسب أولويات الشراء ثم استغلال معارض الكتاب ومتابعة المكتبات ذات التخفيضات والعروض، وفي أثناء ذلك لا بدَّ كمسلم أن تكون أولوياتك عند تأسيس مكتبتك للكتب الشرعية التي لا غنى لك عنها وأمهاتها على نحو خاص، واحرص على النسخ الجيدة الموثوقة، وحاول أن تتفقَّد الكتاب وتلقي نظرة سريعة عليه قبل أن تقتنيه.
الفكرة من كتاب كيف تقرأ كتابًا؟
“الكتب جارٌ بارٌّ ومعلِّم خاضع ورفيق مطاوع لا يعصيك أبدًا.. وهو كذلك صاحبٌ كفء وشجرة معمرة دائمًا مثمرة، يجمع الحِكَم الحسنة والعقول الناضجة وأخبار القرون الماضية والبلاد المترامية، يجلو العقل ويشحذ الذهن ويوسِّع الأفق ويقوِّي العزيمة ويؤنس الوحشة، يُفيد ولا يستفيد ويُعطي ولا يأخذ”.
بلغة الناصح الأمين يُهدينا الكاتب أهم وأشمل النصائح المتعلِّقة بالقراءة والكتب، مستهدفًا بها معشر القراء وغيرهم بَدءًا بالمبتدئين والمتوسِّطين ومن قطعوا شوطًا طويلًا في هذا المجال، بل وللنافرين منها أيضًا، فهذا كتاب يستحقُّ، بل ولا بدَّ أن تحويه مكتبة كل قارئ.
مؤلف كتاب كيف تقرأ كتابًا؟
محمد صالح المنجد: كاتب وداعية سوري، ولد في الثلاثين من ذي الحجة بحلب في سوريا عام 1380هـ، نشأ في الرياض وتعلَّم في المملكة العربية السعودية ونال درجة البكالوريوس من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثم تحوَّل بعدها للدعوة إلى الله، وقد أخذ العلم عن عدد من المشايخ المعروفين كالشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ صالح بن الفوزان وآل الفوزان وغيرهم.
ومن مؤلفاته:
أخطار تهدِّد البيوت.
ظاهرة ضعف الإيمان.
مسائل في الدعوة والتربية.
الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس.