نيوتن طالب في كامبردج
نيوتن طالب في كامبردج
لم توفَّق والدته في رغبتها، ودخل نيوتن الجامعة وهو في الثامنة عشرة، وتلقَّى معونة مالية نظرًا إلى قلة ذات يده؛ وكان عليه في المقابل أن يعمل في خدمة طاولات الطعام، ويقوم بمهمات محدَّدة لزملائه أو للطلاب المتقدمين، ويوقظ رفاق الصف الأغنياء قبل الفجر لحضور الصلوات في الكنيسة، وكان هذا نتيجة عقاب والدته المادي له، حيث لم ترغب في مساعدته لأنه تمرَّد عليها، ومما زاد الأمر سوءًا أنه لما بلغ التاسعة عشرة كان يكبر من يخدمهم بسنة أو سنتين؛ فزاد هذا من عزلته.
وكباقي الطلبة عُيِّن له أستاذ يشرف على دراسته فكان هذا الأستاذ متخصِّصًا في الآداب الإغريقية، ما زاد من استغراق نيوتن في الآداب والفنون الرومانية، وكان عليه حضور المحاضرات وكتابة المقالات والتدوين في دفتر الملحوظات الذي كتب فيه فصلًا أسماه “أسئلة فلسفية محددة” كتب في أعلى الصفحة الأولى: “أنا صديق أفلاطون، وصديق أرسطو، ولكن الحقيقة هي صديقي الأكبر”، وشرع في وضع فهرس خاص لمختلف الموضوعات التي يرغب أن يبحث فيها.
وبدأ في القراءة لفلاسفة الطبيعة (حيث لم يكن مصطلح عالم قد صيغ بعد)، فقرأ لكوبرنيكوس وكبلر وغاليليو غاليلي الذي أولى اهتمامًا بالمنهج التجريبي الذي اعتنقه، إضافةً إلى تعاليم القدماء التي اعتنق منها ما رآه ذا فائدة كبيرة كنظرية ديمقريطس التي تنصُّ على أن جميع الأشياء تتألَّف من جسيمات دقيقة جدًّا غير مرئية، سمَّاها الذرات، وبحلول عام ألف وستمائة وأربعة وستين كان العمل الذي نذر له نيوتن حياته واضحًا.
فقد انضم إلى مجموعة من المفكرين الذين يعتقدون أن الكون محكوم بقوانين ميكانيكية عقلية، وأن الأسرار الطبيعية ستظهر لمن يطبِّقون الأسلوب العلمي، وكان في هذه الفترة مستغرقًا إلى حدٍّ بعيد في دراسة الأعداد، وكانت الأراضي التي ورثها من أبيه قد انتقلت إليه بمكاسبها ليتصرَّف فيها كما يشاء، ولم يعد خادم الطاولات أو الساعي في مهمات الآخرين، بل صار فيلسوفًا طبيعيًّا ناشئًا ومقرضًا للمال، وطالبًا يتقاضى مرتبًا ماليًّا منتظمًا، وأصبح بإمكانه البقاء في كامبريدج حتى الحصول على الماجستير أو تمديد الإقامة حتى الحصول على الزمالة.
الفكرة من كتاب إسحاق نيوتن والثورة العلمية
يعدُّ إسحاق نيوتن من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية، فقد شغل نيوتن منصب رئيس الجمعية الملكية، كما كان عضوًا في البرلمان الإنجليزي، إضافةً إلى توليه رئاسة دار سك العملة الملكية.
في هذا الكتاب يتحدث جيل كريستيانسن عن نشأة نيوتن ودراسته وتجارِبه التي أجراها، ومناط عبقريته وتفوُّقه على غيره وأبحاثه وإنجازاته، والمناصب التي تقلَّدها واحترام العلماء له والمعارك التي خاضها معهم.
مؤلف كتاب إسحاق نيوتن والثورة العلمية
جيل كريستيانسن Gale E. Christianson: أستاذ بارز في كلية الفنون والعلوم، وأستاذ التاريخ في جامعة إنديانا، ورُشِّح مرتين لجائزة بوليتزر عن كتاب “إسحاق نيوتن وعصره”، وكذلك عن كتاب “حياة لورين إيزلي”، وهو مدير تحرير سلسلة أكسفورد لأعلام العلوم.