البورصة بين الوهم والحقيقة
البورصة بين الوهم والحقيقة
في الكتب والدوريات العلمية نجد التأكيد أن بورصات الأسهم تعدُّ أحد الشرايين المهمة لتمويل الاقتصاد، ولكن إذا نزلنا إلى الواقع الاقتصادي نفسه نجد أن الأمر فيه نظر! فبدايةً يجب التفرقة بين الدور المنوط بكل من السوق الأولية (أسهم جديدة)، وبين السوق الثانوية (أسهم مستعملة)، فالأولى تسهم بصورة حقيقية في تمويل الاقتصاد عبر توفير التمويل للشركات المختلفة، أما الثانية –وهي الأشهر- فلا تعدو أن تكون مجرد مضاربة على سهم تم إصداره قبل ذلك.
وتظهر المفاجأة حينما نعلم أن أرقام السوق الأولية لا تكاد تذكر إذا تمَّت مقارنتها بأرقام السوق الثانية، ففي بورصة باريس في عام 2000-2002 لم تتحصَّل الشركات سوى على مبلغ 25 مليار يورو من السوق الأولية في حين بلغ حجم المبادلات في السوق الثانوية 1002 مليار يورو، أي أكبر من قيمة كل الشركات المسجلة في البورصة في ذلك الوقت! ويستفحل الأمر عندما يلجأ المستثمرون وأصحاب الفوائض المالية إلى سحب استثماراتهم من الاقتصاد الحقيقي المتمثِّل في إنتاج السلع والخدمات للدخول إلى الاقتصاد المالي أو النقدي المتمثِّل في المضاربة في البورصة رغبةً في الحصول على الثراء السريع.
ومع ذلك تظل السوق الثانوية ضرورية لأجل قيام السوق الأولية بدورها في تمويل الاقتصاد، فالمستثمر لن يقدم على شراء سهم ليس هناك إمكانية لبيعه مستقبلًا، لذا تعالت الأصوات قديمًا وحديثًا بمحاولة إصلاح هذا الخلل الموجود في السوق الثانوية وإيقاف سعار المضاربات، فنحو 95% من نشاط البورصة اليوم متمثِّلًا في السوق الثانوية فقط التي أضحت بمنزلة الزيت الضروري لآلة السوق الأولية لأداء دورها في تمويل الاقتصاد عبر الـ5% فقط المتبقية! فضلًا عن الفقاعات والأزمات المالية المتلاحقة، الأمر الذي جعل البعض يتساءل عن كونها جزءًا من الحل أم من المشكلة؟
الفكرة من كتاب البورصة حقائق وأوهام
يتناول هذا الكتاب قلب الاقتصاد الحديث، ألا وهو أسواق المال التي تعدُّ شريان الاقتصاد وفي القلب منها البورصات، وبالأخص سوق الأسهم والسندات، والتي طالما كانت أحد أهم معاقل الأزمات المالية التي أصابت الاقتصاد العالمي بالشلل بداية من كارثة الكساد الكبير 1929، ومرورًا بأزمة النمور الآسيوية 1997، وانتهاءً بالأزمة المالية العالمية 2008، وقد نتجت كل تلك الأزمات وغيرها بسبب عدد من الممارسات الخاطئة وقواعد الحوكمة الضعيفة، التي أشار إليها الكاتب في ثنايا هذا الكتاب، بالإضافة إلى مناقشته تلك البروباجندا الزائفة حول مساهمة البورصة بوضعها الحالي في تمويل الاقتصاد، مما يمكن القول معه إن تلك المعلومات الواردة في هذا الكتاب نادرًا ما تجدها في كتاب آخر.
مؤلف كتاب البورصة حقائق وأوهام
رجب أبو دبوس: يعدُّ من أبرز وأشهر المفكرين والأكاديميين الليبيين، كما أنه أبرز فلاسفة النظرية الجماهيرية وسلطة الشعب، حصل على ليسانس الفلسفة من الجامعة الليبية بنغازي 1969، ودرجة الماجستير من فرنسا جامعة أيكسنبروفانس عن رسالة بعنوان “التخيل” 1973، ودرجة الدكتوراه من الجامعة نفسها عن رسالة بعنوان “الحرية” 1977، كما شغل منصب رئيس قسم الفلسفة جامعة قاريونس 1977.
لديه عشرات المؤلفات؛ من بينها : “نحو تفسير اجتماعي للتاريخ” 1982، و”محاضرات في الفلسفة المعاصرة” 1996، و”العولمة بين الأنصار والخصوم” 2001، و”ماضي المستقبل.. صراع الهوية الوطنية” 2001.