الحرمان من النوم
الحرمان من النوم
على مرِّ السنين ظنَّ الكثير من الناس أن النوم فعل لا جدوى له، وفي الواقع ينجز المخ نشاطًا مهمًّا لا ينجزه وهو يقظ، ويمكن قياسه بواسطة التخطيط الدماغي الوظيفي، وتنخفض نسبة استهلاك الطاقة الدماغية خلال النوم أكثر منها في حالة اليقظة، ولكن إذا تحقَّقت عملية تعلم في أثناء اليقظة السابقة، فإن المنطقة الدماغية المسؤولة عن هذا التعلم، لا تنام مثل المناطق المجاورة، والعكس صحيح، ويمكن التعرُّف على الدور الكبير الذي يقوم به النوم من خلال ملاحظة الأعراض الناتجة عن الحرمان منه، والإنسان قد يُصاب بأمراض يصاحبها حرمان كلي من النوم طوال عدة شهور، أولها الأرق العائلي الناتج عن بروتين بريون، وقد يؤدي في النهاية إلى الوفاة بعد سنة، والمرض الثاني هو الرقَّاص الليفي للمورفان، تقوم فيه الأجسام المضادة بمنع التواصل بين بعض العصبونات، فيُحرم المصاب من النوم.
ويوجد حرمان جزئي مزمن، يقصد به أن مدة النوم في الليل أقل بكثير من حاجة المرء الفسيولوجية، تتكرَّر لعدة أيام، بل عدة شهور أحيانًا، كل ليلة بانتظام، وينتشر هذا النوع من الحرمان خصوصًا عند المراهقين، والراشدين من الشباب، والعمال الذين تتغيَّر أوقات عملهم باستمرار، ويؤدِّي هذا إلى ضعف التنبُّه وتعكُّر المزاج، ويزداد من احتمالية التعرُّض للحوادث، وعمومًا هذا النقص في ساعات النوم، يفتح الشهية، بسبب الزيادة في إفراز هرمون الغريلين، وبخاصةٍ شهية تناول الأطعمة الخفيفة، مما يؤدي إلى زيادة الوزن، وتغير الإفرازات الهرمونية، لتظهر بعض أعراض السكري الأولية.
ويقوم النوم بدور كبير في عمليات تخزين المعلومات في الذاكرة، فعند التعلم يراكم الإنسان معلومات جديدة تُحدث أثرًا ضعيفًا في الذاكرة، ويرسخ هذا الأثر في الذاكرة الدائمة خلال مرحلة النوم، وعلى العكس من ذلك، فإن الحرمان من النوم، يؤدي إلى ضعف القدرات، وأيضًا يتيح النوم عملية إعادة معالجة المعلومات الجديدة وفرزها، وعمومًا فإن المناطق التي شُغِّلت في النهار؛ لتعلم شيء جديد، تشغل من جديد في أثناء النوم المفارق.
الفكرة من كتاب كيف ننام؟
ينام الجنين في الرحم، ويخرج إلى الوجود نائمًا ليظل الشهور الأولى من عمره مستسلمًا للنوم، حتى ينتظم إيقاع نومه ليلًا، وتتواصل حياة الشخص لتقلَّ ساعات نومه، فما النوم؟ هل تتوقَّف الحياة خلاله؟ أم هو مرحلة استراحة؟ وما فوائده؟ تحاول العديد من العلوم الإجابة عن تلك التساؤلات وغيرها، فيسعى هذا الكتاب هنا إلى الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها، كما يتطرَّق إلى مسألة الحرمان من النوم، وتأثيرها في الأنشطة الفكرية، ويحاول أن يساعد الجميع وبخاصةٍ الأدمغة الصغيرة النائمة في إدراك فائدة النوم ومتعته.
مؤلف كتاب كيف ننام؟
إيزابيل أرنوف: كاتبة وباحثة في علوم الأعصاب، حاصلة على الدكتوراه في الطب، ومن مؤلَّفاتها في سلسلة “ثمرات من دوحة المعرفة” كتاب: كيف نحلم؟
دلفين أودييت: كاتبة، وتحضر الدكتوراه في مجال علوم الأعصاب بجامعة بيبر وماري كوري بإشراف الدكتورة إيزابيل أرنولف.