ضبط النوم
ضبط النوم
كأي حالة فسيولوجية يخضع نظام النوم إلى آليات تتمكَّن من تحقيق توازن داخلي بين النوم واليقظة، بعيدًا عن تأثير أي عوامل خارج الجسم، والجميع بلا شك يلاحظ ضرورة هذا التوازن؛ فالحرمان الكبير من النعاس يؤدي إلى نوع من دَيْن النوم الذي يعوَّض عن طريق زيادة في النعاس خلال الليلة التالية، وبعد إشباع حالة الحرمان يستعاد أولًا النوم البطيء العميق، وبعض الأشخاص المصابين بالأرق يفقدون تدريجيًّا هذه القدرة على استرجاع النوم العميق بعد ليلتين من دون نعاس، ولن يعاود النوم الجيد إلا بعد أسبوع، أو أسبوعين من النوم المضطرب.
تشبه حالة اليقظة والنوم بكفتي الميزان، ينتقل الثقل من كفة إلى أخرى، وتتدخَّل خلال اليقظة بنيات دماغية كثيرة لتحافظ عليها، وتقوم الناقلات العصبية بنقل تأثيرات تلك البنية الدماغية لتستقبلها الجزيئات اليقظة، وعلى الهامش تعد مضادات الحساسية التي تمنع الهيستامين من ممارسة تأثيراته الميقظة من المسكنات، وتوجد أيضًا جزئية الأركسين بكمية كبيرة في شبكة اليقظة، التي تنشط الشهية في أثناء هذه الحالة، وتطور حاليًّا أدوية تعطل هذا التأثير، لمساعدة الأشخاص المصابين بالأرق على النوم.
وأخيرًا شبكة اليقظة نظام معقد، يتأثَّر دائمًا بمحفِّزات داخلية مثل الجوع والعطش أو الحاجة الجنسية، ومحفزات خارجية كالعوامل الاجتماعية مثلًا، ويجب توقف تلك المحفزات عن ممارسة تأثيرها كي يحل النوم، والأشخاص المفرطون في تنشيط أنظمة يقظتهم من خلال ممارسة ألعاب الفيديو مساءً، أو تناول القهوة بكميات كبيرة، قد يجدون صعوبة في تنظيم عملية النوم، وأيضًا قد تؤدي المعاناة النفسية أو الآلام البدنية أو القلق الكبير إلى يقظة مفرطة، ومن ثم إلى الأرق، وحدوث خلل في الساعة البيولوجية، فيشعر الأشخاص المصابون بالأرق بعد استيقاظهم من النوم، بأنهم لم يكونوا نائمين ولا مستيقظين، وأنهم لم يناموا طوال الليل، رغم أن التسجيلات لنشاط الدماغ خلال النوم تكشف أنهم ناموا بالفعل، بسبب عمل شبكات اليقظة لدى الأشخاص المصابين بالأرق، خلال نومهم البطيء أيضًا.
الفكرة من كتاب كيف ننام؟
ينام الجنين في الرحم، ويخرج إلى الوجود نائمًا ليظل الشهور الأولى من عمره مستسلمًا للنوم، حتى ينتظم إيقاع نومه ليلًا، وتتواصل حياة الشخص لتقلَّ ساعات نومه، فما النوم؟ هل تتوقَّف الحياة خلاله؟ أم هو مرحلة استراحة؟ وما فوائده؟ تحاول العديد من العلوم الإجابة عن تلك التساؤلات وغيرها، فيسعى هذا الكتاب هنا إلى الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها، كما يتطرَّق إلى مسألة الحرمان من النوم، وتأثيرها في الأنشطة الفكرية، ويحاول أن يساعد الجميع وبخاصةٍ الأدمغة الصغيرة النائمة في إدراك فائدة النوم ومتعته.
مؤلف كتاب كيف ننام؟
إيزابيل أرنوف: كاتبة وباحثة في علوم الأعصاب، حاصلة على الدكتوراه في الطب، ومن مؤلَّفاتها في سلسلة “ثمرات من دوحة المعرفة” كتاب: كيف نحلم؟
دلفين أودييت: كاتبة، وتحضر الدكتوراه في مجال علوم الأعصاب بجامعة بيبر وماري كوري بإشراف الدكتورة إيزابيل أرنولف.