التوحيد وتضميناته في الفكر والحياة
التوحيد وتضميناته في الفكر والحياة
يُعد سفْرُ إسماعيل راجي الفاروقي حول التوحيد من أهم ما أنتجته مدرسة إسلامية المعرفة في هذا الموضوع، فهو يبحث في تجليات التوحيد عن الأسرة والأمة والنظام السياسي، والأسرة في فكر أصحاب التوحيد هي البناء الأهم في النظام الاجتماعي التي ينبغي أن تؤسَّس على القيم المُستخلَصة من حقيقة التوحيد، فتكون روح العلاقات وتنظيمها على هدي القرآن الكريم، وتكون قيم التواد والتراحم والتكامل هي أساس التفاعلات الأسرية، ومن الأسرة إلى الأمة التي يدعو الإسلام إلى وحدتها على أساس رباط الدين، فلا تتفرَّق على أساس العرق أو اللون أو المذهب السياسي.
وعلى هذا يكون النظام السياسي موجهًا نحو إعطاء الحقوق للجميع دون تمييز، وأن تكون تشريعاته وقيمه الحاكمة مستمدة من التشريع الإسلامي ومبادئه، وفي هذا النظام تُعطى لغير المسلمين حقوقهم غير منقوصة، مع إعطائهم مطلق الحرية في المحاكمة إلى شرائعهم فيما يخص أحوالهم الشخصية. وللتوحيد أيضًا تجلياته على النظام الاقتصادي، فيرفض الاحتكار والاستغلال، وكل المظاهر التي تجعل الثروة دولة بين الأغنياء دون الفقراء، كما يحث على الوصول إلى الحد الأقصى للإنتاج، والتفاني في العمل، أما عن فائض الإنتاج فيرشد إلى ضرورة إعادة توزيعه على الفقراء بالصدقة والزكاة، مع مراعاة حقوق الأجيال المستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك يحضُّ نظام التوحيد الإنسان المسلم على أن يكون تصورُّه وفعله الجمالي نابعًا عن هذا النظام، ومؤطرًا به، فلا مكان إذًا للفنون التشخيصية التي تُشخِّص الإله في أشياء، فقمة الوعي الجمالي في هذه الرؤية أن الله الواحد يتعالى عن المثل؛ وكل ذلك انعكس على طريقة الزخرفة الإسلامية التجريدية اللا نهائية متمثِّلة في نظام الأرابيسك.
الفكرة من كتاب منظومة القيم العليا
الحياة من دون قيم ليست حياة، فهي حياة بلا غاية أو هدف يوجِّه سلوك الإنسان فيها، والإسلام أكثر ما عالج هذه القضية، فجاء ليضع مجموعة من القيم والمبادئ التي يمكنها أن تنظِّم حياة البشر أفرادًا وجماعات، وتضمن لهم السعادة في الدارين، ولما كان أول ركن في الإسلام هو الشهادة كانت القيمة الأولى في الإسلام هي التوحيد، وهي القيمة التي تنبثق عنها كل القيم وتعمل تحت مظلتها، ويقترح هذا الكتاب إلى جانب التوحيد قيمتي التزكية والعمران، ليشكِّلوا معًا منظومة متكاملة مترابطة، تكون بمثابة البوصلة التي من أجلها وعلى أساسها يتحرك المسلم في حياته.
مؤلف كتاب منظومة القيم العليا
فتحي حسن ملكاوي: مفكر إسلامي، متخصِّص في العلوم التربوية، ينتمي بفكره وجهده البحثي إلى مدرسة إسلامية المعرفة، ومؤسسة المعهد العالمي للفكر الإسلامي، حيث يعمل حاليًّا مديرًا إقليميًّا في المعهد، بالإضافة إلى كونه عضوًا بمجمع اللغة العربية بالأردن.
شارك ملكاوي في تأليف العديد من المقرَّرات والكتب المدرسية والجامعية، كما أن له عدة مؤلفات في موضوعات إسلامية وتربوية مختلفة منها: منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية، والفن في الفكر الإسلامي: رؤية معرفية ومنهجية، ومشروعات بحثية في التراث التربوي الإسلامي، بالإضافة إلى الكثير من المقالات والدراسات التي نُشر معظمها في دورية إسلامية المعرفة: مجلة الفكر الإسلامي المعاصر.