البديهةُ وتعارُضُهَا مع الأحكامِ الواقعية
البديهةُ وتعارُضُهَا مع الأحكامِ الواقعية
ليس كلُّ ما يحدُثُ مَنطقيًا، ولا يمكننا دائمًا تقديمَ تفسيرٍ منطقيٍ لكلِ شيء. لكن عقْلَنَا يحاولُ إنشاءَ قِصةٍ؛ لجعلِ كلِ المواقفِ أكثرَ منطقية. ومن أجلِ فَهْمِ الأشياءِ بسُهُولة، فإن عقولنا تخلقُ أوهام. هذه القصصُ المُخترعَةُ نُسَمِيها “البديهة”.
كنتيجةٍ لتأثيرِ البديهة، قد ينتهي بكَ الأمرُ إلى اتخاذِ قرارٍ في موقفٍ مُعين، يتعارضُ تمامًا مع الحقائق الواقعية. والقراراتُ أو الأحكامُ التي لا تستنِدُ إلى حقائقَ واقعية، ستكون خاطئة.
هل هذا يعني أن البديهةَ هي مجردُ مغالطات؟ ليس دائما. البديهة أحيانًا تكون مفيدة، وخاصة ما يسمى “بديهةُ الخبراء”. يَنشأُ هذا الشعورُ بعد تجرِبَةٍ ثريّةٍ في مجالٍ ما. على سبيل المثال، قد يشعرُ الطبيبُ المتمرّسُ ذو الخبرةِ العاليةِ أن المريضَ يُعاني من مشكلةٍ مُعينة، وهذا قد لا يكونُ واضحًا لطبيب آخر أقلّ خبرة.
ينشأُ هذا النوعُ من البديهةِ من انعكاساتِ العقل، ويمكن الوثوقُ به عندما يأتي من مُتخصص. ففي حالة الطبيب، الذي شاهدَ العديدَ من المرضى الذين يعانون من أعراضٍ مُماثلة، ستكون بديهيتُهُ مبنيةً على هذه التجارِب.
يجبُ أن نكونَ حَذِرِيِنَ عندَ الاعتمادِ على بديهتِنَا. نثق بها فقط عندما يكونُ لدينا أساسٌ متينٌ لتلك الثقة. على سبيل المثال، يمكنُ الوثوقُ ببديهةِ الأم؛ لأنها تعرفُ طِفْلَهَا جيدًا. في المقابل، فإن الشعورَ البديهيَ بأنّ شخصًا تعرِفُهُ قد يتعرضُ لحادثِ سيارةٍ، ربما يكونُ مُجردَ خوفٍ غيرِ عَقْلاني.
الفكرة من كتاب التفكيرُ السريع والتفكيرُ البطيء
في هذا الكتاب، يشرحُ عالِمُ النفسِ، الحائزُ على جائزةِ نوبل في الاقتصاد “دانييل كانيمان” طريقةَ عملِ عُقُولِنَا، وكيف يعملُ النظامان اللذان يوجّهانِ أفكارَنا. وَفقًا للكاتب، فإن فَهْمَ كيفيةِ عَمَلِ هاتينن الطريقتين للتفكيرِ؛ سيساعدنا في اتخاذِ القرارات الشخصيةِ والمِهْنِيّةِ الصحيحة.
مؤلف كتاب التفكيرُ السريع والتفكيرُ البطيء
حصل دانيال كانيمان على الدكتوراه، وعلى جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2002. وهو كبير الباحثين في كلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية، وهو أستاذ فخري في علم النفس في جامعة برينستون، وزميل مركز العقلانية في الجامعة العبرية في القدس.