إنتاج القيمة الفائضة المطلقة
إنتاج القيمة الفائضة المطلقة
ينتقل بنا الحديث إلى كيفية خلق القيمة الزائدة المطلقة، أي كيفية إنشاء الربح الرأسمالي وفقًا للمفهوم الماركسي الذي اعتمد العمل معيارًا للقيمة التبادلية بين السلع، وباعتبار العمل سلعة مثل باقي السلع ترى الماركسية أن الربح الرأسمالي إنما ينتج من استغلال الطبقة العاملة حيث إن قيمة رأس المال المستخدم في الإنتاج ثابتة لا تتغير، فالآلة لا تعدو أن تكون كمية عمل مختزنة سابقًا، من هنا يكون السبيل الرأسمالي الوحيد لتحقيق الربح هو عنصر الإنتاج المتغير والمتركز بصورة أساسية في عنصر العمل، فإذا كانت ثماني ساعات هي الحد الأدنى لساعات العمل اليومية اللازمة لحد الكفاف اليومي بالنسبة إلى العامل؛ فإن الرأسمالي يعمد إلى تشغيله مقدار اثنتي عشرة ساعة محققًا فائضًا قدره أربع ساعات في صورة ربح.
وعلى ذلك يمكن القول إن يوم العمل مفهوم مرن يختلف من مجتمع إلى غيره، بل حتى من صناعة إلى أخرى، وهو في ذلك يرتكز بصورة أساسية على المعايير الأخلاقية والقوانين واللوائح المنظِّمة لسوق العمالة، ولكن يلاحظ أن الوقت الضروري اللازم لحد الكفاف ثابت نسبيًّا بينما يبقى ما فوق ذلك من وقت عنصرًا متغيرًا، ولكنْ ثمة حدود تقيِّد اختيارات الرأسمالي، ذلك أن الوقت الزائد لا يمكن أن يكون صفرًا إلا لو تخلَّى صاحب المصنع عن الربح وفي الوقت نفسه لا يملك صاحب المؤسسة إجبار العامل على العمل مدة أربع وعشرين ساعة كاملة، فهو ليس آلة لا تتعب.
وفي التاريخ العديد من الأمثلة الصارخة على الاستغلال الجشع لحاجة العمال إلى ما يسد رمقهم عبر نظام السُخرة الذي كان شائعًا بكثرة خلال حقب التاريخ المختلفة، وكثيرًا ما كان يتكرر الأمر مع الإمبريالية الغربية، حيث كانت تعمد دول الاستعمار إلى دمج المستعمرات في حلقة الاقتصاد الوطني واستغلال شعوبها من أجل توفير متطلبات التنمية في تلك الدول الإمبريالية الكبرى من مختلف عوامل الإنتاج، وهي في ذلك لا يعنيها إتلاف عنصر العمل، فتجارة العبيد التي كانت رائجة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى معدلات الزيادة السكانية في المستعمرات كفيلة بتعويض الفاقد باستمرار.
الفكرة من كتاب موجز رأس المال
لعل من الإسهامات الكبيرة التي أسهمت بها الرأسمالية هي التحول الثوري في نظرية الثروة المجتمعية، فبعدما كانت المدرسة التجارية تنظر إلى ثروة الدولة على اعتبار معيار الذهب، نجد أن الرأسمالية تقرِّر أن ثروة المجتمع إنما تقاس باعتبار معيار الإنتاج..
يعد هذا الكتاب مدخلًا لإعادة كتابة المفاهيم الاقتصادية من جديد، يسلط فيه الكاتب الضوء على مفهوم القيمة التبادلية والاستعمالية للسلع المختلفة وكيف تتحدَّد أجور العمال، بالإضافة إلى كيفية تكوين الربح الرأسمالي واستشراف المصير المتوقع للرأسمالية.
مؤلف كتاب موجز رأس المال
فريدريك إنجلز Friedrich Engels:كاتب وفيلسوف ورجل صناعة ألماني يُلقَّب بأبي النظرية الماركسية إلى جانب كارل ماركس، ولد في 28 نوفمبر 1820 في ألمانيا، وفي عام 1848م أصدر مع ماركس، بيانهما المشهور والمعروف ببيان الحزب الشيوعي الذي يسمى اختصارًا البيان الشيوعي، توفي في 5 أغسطس 1895 في لندن.
له العديد من المؤلفات منها: “مبادئ الشيوعية” و”بيان الحزب الشيوعي” بالاشتراك مع ماركس، و”ظروف الطبقة العاملة في إنجلترا”، و”مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي”.