أنواع السلطة وطرق الحصول عليها
أنواع السلطة وطرق الحصول عليها
تنقسم الحكومات بصفة عامة إلى جمهوريات وممالك، فالجمهوريات تكون بالانتخاب أما الممالك فتخضع للوراثة، وهي بدورها إما أن تكون قديمة يتوارد عليها أحد أفراد أسرة ما (الأسرة الحاكمة) تباعًا، وإما أن تكون حديثة النشأة سواء أكانت إمارة جديدة بالكلية أم تم ضمها لنفوذ إمبراطورية ما.
وقد يصل الأمير إلى إمارته عن طريق رضا العامة أو الخاصة وهما على طرفي نقيض، فالخاصة -وهم الحاشية- لا تحركهم سوى مصالحهم الشخصية التي تكون بالطبع ضد مصالح العامة، ما يدفعهم إلى تولية أحدهم ليسهر على تنفيذ مآربهم ضد الرعية، فالذي يصل إلى الحكم بتلك الطريقة يواجه صعوبات جمة، حيث يُنظر إليه بين حاشيته كواحد منهم ومن ثَم يضعف سلطانه عليهم، أما على الجانب الآخر فنجد أن الرعية قد تتكاتف فيولون عليهم واحدًا اتقاءً لظلم ذوي النفوذ لهم، وهذا مصاعبه أقل حيث تحوطه الرعية ضد الخاصة ويكونون أقرب إلى طاعته وتنفيذ أمره، ولكن مع ذلك ينبغي أن يأخذ الأمير حذره من الخاصة، فهم أخبث مكرًا وأشد دهاءً، ولذا يكون ترويضهم من الصعوبة بمكان، فيجب أن يمعن النظر فيهم ويستميل من يمكن استمالته ويهادن من يمكن مهادنته، ويردع من يمكن ردعه ولا يدع فرصة لاجتماع أعدائه عليه.
أما إذا تم فتح بلاد كانت قبل ذلك مستقلة بشرائعها الخاصة، فللفاتح في حكمها ثلاثة طرق، إما أن يُبيد الأخضر واليابس فيها ثم يبدأ بإنشاء سلطنته على أنقاضها، وإما أن ينتقل إلى العيش فيها حتى يأمن جانبهم، وإما أن يتجنَّب كل ذلك ليترك لها شأنها شريطة أن يختار من بينهم من يُخلص له، فيضعه على رأس الأمر فيها ويجتهد في ربط مصيرهم وحياتهم به فإما هو وإما الفوضى!
الفكرة من كتاب الأمير
“هذا السِّفر على وَجازته هو بحق إنجيل السياسة المعاصرة”.
تأتي أهمية كتاب الأمير من كونه أساسًا لفكر سياسي جديد، فهو يستقرئ طبائع الشعوب والحُكام وكيفية تكوُّن الممالك والإمارات، ويصف الطريق المعبَّد للسيطرة على الشعوب، كما يضع الحلول لما قد يعترض الأمير من عقبات في أثناء فرض حكمه على رعيِّته، وهذه هي سياسة الميكافيلية التي اشتهرت فيما بعد بمبدأ “الغاية تبرِّر الوسيلة”.
مؤلف كتاب الأمير
نيقولا مكيافيلي Niccolò Machiavelli: فيلسوف وسياسي إيطالي، وُلِدَ في فلورنسا عام ١٤٩٦م لأسرة نبيلة، لم يتلقَّ تعليمًا عاليًا ولكنه تثقَّف بقراءة الكتب الإغريقية والرومانية كما كان يفعل أبناء طبقته في ذلك العصر، عمِل بالسلك الدبلوماسي لجمهورية فلورنسا لأربعة عشر عامًا، ثم عُزِل وسُجِن ثم نُفيَ إلى الريف، وفي منفاه انعزل عن الحياة السياسية، تُوفِّي «مكيافيلِّي» بعدما داهمه المرض بعد أيام من عودته إلى فلورنسا عام ١٥٢٧م.
ويُعدُّ فكر «مكيافيلِّي» أحد أهم أعمدة عصر التنوير الأوروبي، وقد ترك ما يقارب الثلاثين كتابًا، ظل كتاب «الأمير» أشهرها على الإطلاق.