عام التكريم وقضية فلسطين
عام التكريم وقضية فلسطين
ها هو هيرمان هيسه يظهر عليه تقدمه في السن، ويبلغه خبر فوزه بجائزة نوبل في الأدب عام 1946م، فيكتب رسالته الخاصة إلى مأدبة جائزة نوبل التي تضمَّنت احترامه وتحياته، وكذلك أسفه لعدم تمكُّنه من أن يكون ضيفهم بسبب مرضه.
ويتفق مع فكرة مؤسسة نوبل القائمة على أن الثقافة تتخطَّى كل المشاعر القومية، بل والعالمية أيضًا، كما لو أنها توحِّد العالم، ويستمر تألقه بحصوله على جائزة غوته في العام نفسه، وبالطبع في تلك الفترة التي صارت فيها ألمانيا دولة منبوذة اندهش البعض، بل وانزعج من قبول الكاتب تلك الجائزة، لكنه رأى أن ذلك شيء بسيط تقدمه له بلاده تعويضًا عما دمَّرته من أعماله في حروبها.
يحل عام 1948، ويتقدَّم هيرمان هيسه في السن، لكنه لا يزال يتابع كل رسالة تصل إليه، وقد وصلته رسالة بخصوص فلسطين تطلب منه أن يرفع صوته في هذه الحادثة المأساوية ليتحدث عن ضرورة عودة السلام إلى تلك الأرض، إذ سيعرض الغزو اليهودي البشر والثقافة معًا إلى خطر إنساني كبير، ولكن يرد الكاتب آسفًا أنه مهما تكلم فلن تحرك كلماته أي سلطات أو أي مؤسسة، كما أن سلطة الوزراء والسياسيين لا يهمهم هدى القلب أو العقل بقدر ما يهمهم الرقم والكم.
في النهاية يتحدث هيرمان هيسه عن “رومان رولان” الذي اعتبره رجلَ حُسن النوايا يهتم بالروح الإنسانية والسلام في العالم ملتمسًا ذلك من ملهمه وهو “ليو تولستوي”، وبالطبع معهما “غاندي”، فقد اعتبر أن أولئك الثلاثة لا يزالون أحياء في قلوب الآلاف الذين يحتفظون بإيمانهم في تنوير العالم.
الفكرة من كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
يعدُّ الباحثون أن مُفكِّرًا بمكانة “هيرمان هيسه” عاصر أعظم حربين شهدهما العالم، وهو وأعماله بمثابة كنزٍ بشري، ولا نرى هنا مؤلفنا يتحدَّث عن أحداث الحرب، إنما يحلِّل حال بلادِه “ألمانيا” وحال أهلِه، ويأخذنا إلى خواطره ورسائله إلى وزيرٍ مسؤول وحتى إلى أصدقائه وأقاربه، فنرى أن عمله يُخاطب الرُّوح الإنسانية التي نشأت في جوٍّ من السياسة والحرب، متسائلًا: هل الحرب منبعها الأديان أم الناس؟ هل يجب على كل إنسان أن يحمل على عاتقه هدف تحسين العالم؟ أم يكفيه تحسين نفسه بكل ما هو إنساني؟ إن كانت الحرب تعمل على تفريق الشعب، فلماذا لا نلاحظ أن الثقافة تعمل على ترابطهم وانصهارهم؟
مؤلف كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
هيرمان هيسه Hermann Hesse: كاتب سويسري من أصل ألماني، عُرِف بكثرة خلافاته مع أسرته لتمسُّكها المفرط بالبروتستانتية، بعد إنهائه دراسته في مدرسة “آلان” في شتوتغارت اتجه إلى بعض الأعمال الشاقة كالعمل الميكانيكي في مصنع للساعات، ولكن اتجه بعدها إلى العمل في مكتبة في “توبنجن” التي كانت سببًا في ظهور موهبته ودخوله إلى المجال الأدبي، فبدأ بالشعر ثم اتجه إلى الروايات الفلسفية والتربوية، وحصل على جوائز كبرى كجائزة نوبل في الأدب وجائزة غوته عام 1946م.
من أهم كتبه ومؤلفاته: ذئب البوادي – رحلة إلى الشرق- رواية تحت الدولاب- لعبة الكريات الزجاجية.