هدف تحسين العالم
هدف تحسين العالم
لطالما تعوَّد الألمان على ترديد شعار “تحسين العالم” في أغانيهم، وكان يعني أن الروح الألمانية سوف توحِّد العالم، ولكن هيرمان هيسه لديه رأيٌ آخر، إذ يناشد الناس وليس الألمان فقط بأن يكفُّوا عن الحكم حول ما إذا كان العالم طيبًا أو شريرًا، وكذلك الادعاء بأن أمر تحسينه يكمن في أيديهم دون غيرهم، وأن يعلموا أن الأمر ببساطة هو أن النَّاس خُلقوا ليكونوا أنفسهم، وعلى سجيتهم في الصدق والشجاعة ليس أكثر، هكذا يكون التحسين بينما التعبير الآخر هو ما أراده ذوو السلطة للمصلحة الشخصية والأنانية المتمركزة حول المال.
لقد عانى الألمان بالفعل بعد الحربين العالميتين، وكانوا أول العارفين بكرْه العالم إياهم وخوفه منهم لما سبَّبوه، بل وأحيانًا افتخروا بذلك معتبرينه نوعًا من الفضائل الألمانية، فأطلقوا غرائزهم الوضيعة والمُصابة بجنون العظمة تحت اسم الفضائل والنظام، لذا كان من الضروري أن تصيبهم تلك النكسة ليكونوا قادرين على أن يُبتلوا بالألم، فيُصبحوا قادرين على اتخاذ الأفعال الصائبة من قِبَل رجالٍ يتحلَّون بالجرأة لتغيير الأكاذيب التي آمن بها شعبهم وماتوا من أجلها، حتى يكفُّوا عن الرضوخ الذي عُرِفوا به، ويكتفوا من وضع اللوم على الآخرين، والبحث عن النذل الذي يُلام على هذا كله كالولايات المتحدة ورئيس الوزراء الفرنسي كليمنصو (أحد أطراف معاهدة فرساي المُذلَّة بعد الحرب العالمية الأولى)، باختصار: على الناس أن يتخذوا خطوة قصيرة على الدرب المؤدِّي من الحيوان إلى الإنسان.
الفكرة من كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
يعدُّ الباحثون أن مُفكِّرًا بمكانة “هيرمان هيسه” عاصر أعظم حربين شهدهما العالم، وهو وأعماله بمثابة كنزٍ بشري، ولا نرى هنا مؤلفنا يتحدَّث عن أحداث الحرب، إنما يحلِّل حال بلادِه “ألمانيا” وحال أهلِه، ويأخذنا إلى خواطره ورسائله إلى وزيرٍ مسؤول وحتى إلى أصدقائه وأقاربه، فنرى أن عمله يُخاطب الرُّوح الإنسانية التي نشأت في جوٍّ من السياسة والحرب، متسائلًا: هل الحرب منبعها الأديان أم الناس؟ هل يجب على كل إنسان أن يحمل على عاتقه هدف تحسين العالم؟ أم يكفيه تحسين نفسه بكل ما هو إنساني؟ إن كانت الحرب تعمل على تفريق الشعب، فلماذا لا نلاحظ أن الثقافة تعمل على ترابطهم وانصهارهم؟
مؤلف كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
هيرمان هيسه Hermann Hesse: كاتب سويسري من أصل ألماني، عُرِف بكثرة خلافاته مع أسرته لتمسُّكها المفرط بالبروتستانتية، بعد إنهائه دراسته في مدرسة “آلان” في شتوتغارت اتجه إلى بعض الأعمال الشاقة كالعمل الميكانيكي في مصنع للساعات، ولكن اتجه بعدها إلى العمل في مكتبة في “توبنجن” التي كانت سببًا في ظهور موهبته ودخوله إلى المجال الأدبي، فبدأ بالشعر ثم اتجه إلى الروايات الفلسفية والتربوية، وحصل على جوائز كبرى كجائزة نوبل في الأدب وجائزة غوته عام 1946م.
من أهم كتبه ومؤلفاته: ذئب البوادي – رحلة إلى الشرق- رواية تحت الدولاب- لعبة الكريات الزجاجية.