قصة البلد الهادئ وفضيلة العناد
قصة البلد الهادئ وفضيلة العناد
يحكي لنا هيرمان هيسه حكاية وطن كبير -وطنه ألمانيا قبل الحرب العُظمى- عُرف بجماله رغم عدم كونه بلدًا ثريًّا، يقنع مواطنيه بالرضا فيه، وكثيرًا ما كان جيران هذا البلد المعروفون بثرائهم ينظرون إليه بسخرية، ورغم فقره فقد كان بلدًا ثريًّا بالثقافة والأدب والفكر، لكنه كان كذلك يُعاني بعض التمزقات في داخله، لذا بدأ هذا البلد في التغيير، حيث تم توحيده والقضاء على كل تمزقاته، فأصبح بلدًا قويًّا وثريًّا، ناهضًا بحضارة الآلات، وبازدياد ثروته ازداد خوفه، ونتيجةً ذلك أن عمل على تسليح نفسه بشكل ضخمٍ، مما أخاف جيرانه الذين اندفعوا كذلك في سباق التسلُّح لحماية أنفسهم، لكن ماذا بعد سباق التسلح ذلك؟ والقوة والثراء المفاجئين، فرغم تلك المفاتن، اشتاق البعض إلى حياة الهدوء التي كانت تسود وطنهم ذلك، وقد صدقوا، إذ كان كل ذلك التغيير سببًا لخلق حربٍ عُظمى دمَّرت العالم لأعوام!
إن من بين الفضائل الكثيرة التي تحظى باحترام هناك فضيلة واحدة لا تدخل في حسابها القوانين، وهي فضيلة العناد، فعندما يحمل الإنسان أفكاره وآراءه الخاصة به، ولكن دون تطبيقها أو العيش معها فإننا نصف تلك الحالة بأنها أمرٌ شخصي، ولكنك عندما تنسجم معها خصوصًا إن كانت ذات هدف فهذا هو العناد، ولا تعني تلك الكلمة إلا أنك إنسان ذو إرادة مستقلّة، وهذه طبيعة الحياة!
الفكرة من كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
يعدُّ الباحثون أن مُفكِّرًا بمكانة “هيرمان هيسه” عاصر أعظم حربين شهدهما العالم، وهو وأعماله بمثابة كنزٍ بشري، ولا نرى هنا مؤلفنا يتحدَّث عن أحداث الحرب، إنما يحلِّل حال بلادِه “ألمانيا” وحال أهلِه، ويأخذنا إلى خواطره ورسائله إلى وزيرٍ مسؤول وحتى إلى أصدقائه وأقاربه، فنرى أن عمله يُخاطب الرُّوح الإنسانية التي نشأت في جوٍّ من السياسة والحرب، متسائلًا: هل الحرب منبعها الأديان أم الناس؟ هل يجب على كل إنسان أن يحمل على عاتقه هدف تحسين العالم؟ أم يكفيه تحسين نفسه بكل ما هو إنساني؟ إن كانت الحرب تعمل على تفريق الشعب، فلماذا لا نلاحظ أن الثقافة تعمل على ترابطهم وانصهارهم؟
مؤلف كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
هيرمان هيسه Hermann Hesse: كاتب سويسري من أصل ألماني، عُرِف بكثرة خلافاته مع أسرته لتمسُّكها المفرط بالبروتستانتية، بعد إنهائه دراسته في مدرسة “آلان” في شتوتغارت اتجه إلى بعض الأعمال الشاقة كالعمل الميكانيكي في مصنع للساعات، ولكن اتجه بعدها إلى العمل في مكتبة في “توبنجن” التي كانت سببًا في ظهور موهبته ودخوله إلى المجال الأدبي، فبدأ بالشعر ثم اتجه إلى الروايات الفلسفية والتربوية، وحصل على جوائز كبرى كجائزة نوبل في الأدب وجائزة غوته عام 1946م.
من أهم كتبه ومؤلفاته: ذئب البوادي – رحلة إلى الشرق- رواية تحت الدولاب- لعبة الكريات الزجاجية.