محمد علي وبناء الدولة الحديثة
محمد علي وبناء الدولة الحديثة
نجح محمد علي أكثر بكثير مما نجح غيره في القرن التاسع عشر في تحديث إدارة الدولة وتجديد مؤسسات المجتمع، وفي حل المعضلة التي كان لا بدَّ أن تلازم حركة التحديث هذه، وكانت المعضلة هي أن من يريد إصلاح إدارة الدولة، لا بدَّ أن يصلحها بواسطة أداة لديه، وأدوات الحاكم هي أجهزة الدولة؛ إذًا تكون المعضلة أن من يريد تحديث أجهزة الدولة وجيشها لا بدَّ أن يفعل ذلك بواسطة الأجهزة الموجودة والتي يريد إصلاحها؛ أي إن من يريد التجديد لا بدَّ أن يجريه بواسطة القديم، أي إنه يكون مطلوبًا من الإدارة القديمة أن تنفذ ما من شأنه أن ينفيها.
واعتمد محمد علي على نحو أساسي على الخبرات الأجنبية في التطوير والبناء، فتولَّى أمر بناء الجيش الجديد سليمان باشا الفرنساوي؛ وهو ضابط فرنسي سابق تمصَّر واعتنق الإسلام، وأصدر محمد علي قانون سياستنامه في 1837 والذي بلور نظام الإدارة الجديد، وقسَّم أنشطة الإدارة العامة وفقًا للنظم الحديثة إلى سبعة دواوين، وهي: ديوان الخديوي وديوان الإيرادات وديوان الجهادية وديوان البحر وديوان المدارس، ثم ديوان الأمور الخارجية والتجارة المصرية والديوان الأخير هو ديوان الفاوريقات.
وأضيف إلى هذا التوزيع الإداري تقسيم الأقاليم المصرية، فقسَّمت إلى سبعة أقاليم، منها أربعة في الوجه البحري وثلاثة في الوجه القبلي، فضلًا عن القاهرة، مع توضيح أنه ليس من الصواب أن نتصوَّر أنه قد وضع مشروعًا كاملًا متكاملًا لترتيب أوضاع الإدارة المصرية لتنشأ به الأجهزة الحديثة بالنظم الجديدة، إنما كان يجري الأمر بالتراكم البطيء، وبما تستدعيه الحال من ضرورات في أي مجالات العمل، وبما يجد من احتياجات تتبلور بموجبها عناصر لتقسيم العمل.
الفكرة من كتاب محمد علي ونظام حكمه
يسعى هذا الكتاب إلى فهم المشروع السياسي الذي تبلور في سياسات محمد علي، وذلك باعتباره مشروع تحديث وتنوير وطني، والظروف التي صعد فيها الرجل إلى سدة الحكم وكيف استطاع أن يتفاعل معها مؤثرًا ومتأثرًا وهو يدور في فلك بناء دولة حديثة في ظل وضع سياسي واجتماعي واقتصادي مهترئ، ومنافسة وتربُّص داخلي من قوى اجتماعية قديمة كالمماليك وقوى خارجية عنيدة كالإنجليز.
هكذا يمضي الكاتب في رسم صورة عامة للوضع العام في مصر قبل محمد علي ليتمكَّن القارئ من فهم المشروع السياسي لمحمد علي ومبرِّراته، وكيف كان يسير أمر التحديث والتنظيم والتطوير والإدارة الجديدة.
مؤلف كتاب محمد علي ونظام حكمه
طارق البشري: قاضٍ مصري سابق ومفكر إسلامي ومؤرِّخ، شغل منصب النائب الأول السابق لرئيس مجلس الدولة المصري ورئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع عدَّة سنوات.
له مؤلَّفات عديدة منها:
الحوار الإسلامي العلماني.
من أوراق ثورة 25 يناير.
الديمقراطية ونظام 23 يوليو.
ثورة 1919 في تاريخ مصر المعاصر.
الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر.