نظرية المعرفة والعلم
نظرية المعرفة والعلم
إن الفلسفة لا تزال في حاجة إلى تحديد وتقويم لحدودها وقدراتها لأن الخلط الحاصل على مر التاريخ بين التفكير الفلسفي والعلمي أدَّى إلى وقوع تناقضات بين فروع من العلوم لا رابط بينها، ولن يتسنَّى التخلص من هذا التناقض إلا بإدراك طبيعة التفكير الفلسفي الحقيقية، وتمثل نظرية المعرفة الفرع الأكبر من الفلسفة الذي حدث له خلط بينه وبين الموقف الطبيعي والعلمي.
وعلى الرغم من وجود أسس عديدة للتفرقة بين العلم والفلسفة؛ فإنها تغفل مسائل رئيسة بها تتحدَّد العلاقة بين الفلسفة والعلم، وسبب هذه الغفلة الرئيس هو الاعتقاد بأن النظريات الفلسفية التفسيرية هي نظريات بالمعنى العلمي لكلمة نظرية.
إن المشكلات الفلسفية تتميَّز بنوع من الثبات غير موجود في مشكلات أي فرع من فروع العلم، فالأسئلة التي كان يبحث عن إجابتها نيوتن ليست هي الأسئلة التي يبحث عنها العلماء اليوم، أما الأسئلة الفلسفية الرئيسة فهي واحدة لا تختلف منذ سقراط إلى الآن، وهذا العنصر الثابت الموجود في الفلسفة راجع إلى ارتباط الفلسفة بالموقف الطبيعي لا العلمي، فكل المعارف المرتبطة بالموقف العلمي تتطوَّر مع تطوُّر العلم في تاريخه الذي سار في تغيُّر مطرد سريع جدًّا، أما الموقف الطبيعي فهو هو لا تغيُّر فيه.
إن التطوُّر العلمي تطور تراكمي يستفيد فيه اللاحق من السابق ويكمله ويدمجه في أنساق أوسع، أما مسار الفلسفة فليس تراكميًّا إطلاقًا، والفيلسوف وإن كان متأثرًا بمن قبله إلا أن النتائج التي يؤول إليها الفلاسفة ليست متكاملة، فيمكن لأي فيلسوف أن يتخلَّى عن جميع الأفكار السابقة ويأتي بتحليل جديد.
الفكرة من كتاب نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
تشكِّل دراسة الفلسفة بوجه عام ودراسة نظرية المعرفة كأحد فروع الفلسفة أمرًا غاية في الأهمية، فلن نكون مبالغين إذا قلنا إنَّ نظرية المعرفة هي أهم فروع الفلسفة على الإطلاق قديمًا وحديثًا، فبها تتكوَّن تصوُّرات الإنسان عن الكون والحياة والوجود، ويراد بها الفرع الذي يبحث في طبيعة المعرفة ومصادرها وإمكاناتها.
وفي هذا الكتاب يستعرض المؤلف هذه النظرية علميًّا وفلسفيًّا وموقف الإنسان الطبيعي العادي من ذلك.
مؤلف كتاب نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
فؤاد حسن زكريا: أستاذ مصري متخصص في الفلسفة، حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1996م، وجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، عام 1999م، وولد سنة 1927، وتوفي سنة 2010.
له مؤلفات وترجمات كثيرة، منها: “دراسة لجمهورية أفلاطون”، و”نقد الاستشراق وأزمة الثقافة العربية المعاصرة”، وترجمة كتاب “الجمهورية” لأفلاطون، وترجمة كتاب “نشأة الفلسفة العلمية” لرايشينباخ.