مراحل المثالية
مراحل المثالية
يقصد بالمذهب المثالي هو كل مذهب يقف موقفًا مضادًّا للموقف الطبيعي، ولهذا الموقف مراحل وخطوات، أولى هذه المراحل هي: الشك في الحواس، وليس المراد بالشك فيها هو الشك في أدائها لعملها، وإنما الشك في قدرتها على نقل موضوعات خارجية لنا، ويعتمد المثالي على حالات شاذة تخطئ فيها الحواس لتبرير شكه وانعدام ثقته بها كما في ظاهرة السراب وغيرها، وهذا الاعتماد خطأ لأننا عندما نقول إن الحواس تنقل إلينا معرفة صحيحة أو أنها مصدر من مصادر المعرفة فإننا نريد حواس الإنسان السوي السليم لا ضعيف الحواس، ثم إن المثالي يعتمد على حالات الفصل بين الحواس بعضها وبعض؛ فانكسار العصا في الماء وإن كان باديًا للنظر أنها منكسرة، إلا أنه من خلال حاسة اللمس نتمكَّن من إدراك خطأ هذا الأمر، فالحواس متكاملة في أداء عملها، ثم إن المثالية تغفل دور الذهن في تصحيح ما يبدو خطأ للحواس، وتغفل أن الخطأ قد لا يكون خطأ الحاسة إنما خطأ الذهن، فالذي يسير في الظلام متخوفًا من الأشباح إذا رأى أي خيال فإنه سيحكم عليه بأنه شبح، فليس الخطأ هنا خطأ الحاسة.
بعد أن يشكِّك المثالي في الحواس فإنه ينتقل إلى المرحلة التالية، وهي التشكيك فيما تنقله الحواس، وذلك بطرح سؤال: هل صفات الأشياء موضوعية أم ذاتية؟
فيرى المثالي أن ما تؤديه إلينا الحواس من معلومات وإدراكات إنما هو انطباعات ذاتية وليس حقائق الأشياء موضوعيًّا، فالحائط -مثلًا- الذي يبدو لي أبيض ليس في حقيقته أبيض، إنما هكذا تراه العين، من خلال طبيعة الموجات الضوئية أو كيفية التقاط حدقة العين لها، فالحجة المثالية تنطوي على خلط بين الموقف المعتاد والموقف العلمي التفسيري.
الفكرة من كتاب نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
تشكِّل دراسة الفلسفة بوجه عام ودراسة نظرية المعرفة كأحد فروع الفلسفة أمرًا غاية في الأهمية، فلن نكون مبالغين إذا قلنا إنَّ نظرية المعرفة هي أهم فروع الفلسفة على الإطلاق قديمًا وحديثًا، فبها تتكوَّن تصوُّرات الإنسان عن الكون والحياة والوجود، ويراد بها الفرع الذي يبحث في طبيعة المعرفة ومصادرها وإمكاناتها.
وفي هذا الكتاب يستعرض المؤلف هذه النظرية علميًّا وفلسفيًّا وموقف الإنسان الطبيعي العادي من ذلك.
مؤلف كتاب نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
فؤاد حسن زكريا: أستاذ مصري متخصص في الفلسفة، حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1996م، وجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، عام 1999م، وولد سنة 1927، وتوفي سنة 2010.
له مؤلفات وترجمات كثيرة، منها: “دراسة لجمهورية أفلاطون”، و”نقد الاستشراق وأزمة الثقافة العربية المعاصرة”، وترجمة كتاب “الجمهورية” لأفلاطون، وترجمة كتاب “نشأة الفلسفة العلمية” لرايشينباخ.