حاضر إسلامية المعرفة ومستقبلها
حاضر إسلامية المعرفة ومستقبلها
إذا كان التراث يشكِّل حلقة مهمَّة في إسلامية المعرفة، فإن لمجهودات علماء مُعاصرين في هذا المضمار أهمية خاصة؛ فلا يُمكن بحال أن يتم تجاهل من أنجزوا رسائل علمية خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي في موضوعات إسلامية، ولا من حاولوا الدخول في صلب الفكرة من خلال مشروعهم الفكري وزاوية نظرهم الخاصة؛ فأعمال مفكرين من أمثال أبي الحسن الندوي في الهند، ومحمد إقبال وأبو الأعلى المودودي في باكستان، ومالك بن نبي في الجزائر، وروجيه جارودي في فرنسا، تقدِّم فرصة عظيمة لتسريع عملية البناء، وتوفير وقت وجهد كبير في مراحل يمكن أن يكون من خلال الاطلاع على أعمال هؤلاء أن تكون قد أُنجِزَت.
إن إسلامية المعرفة عليها أن تحتضن كل الروافد المعرفية الإسلامية فتنمِّيها وتفحصها، وتضعها في نصابها الصحيح، وهذه الدعوة موجَّهة على سبيل الخصوص إلى المؤسسات البحثية والفكرية التي نشأت في العالم الإسلامي لتقوم على مسألة إسلامية المعرفة، من أمثال المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية، كما أن عليها إعداد نفسها وتعميق صلاتها مع شتى معاهد البحوث والمؤسسات التعليمية المختلفة سواء داخل نطاق العالم الإسلامي أو خارجه.
إن مستقبل إسلامية المعرفة يتوقَّف على مدى قدرتها على الاندماج لتكون مربط الفرس في العملية التعليمية من مرحلة ما قبل التعليم الجامعي إلى مرحلة الدراسات العليا؛ فالتعليم هو الذي يمكنه أن يُحدث التغيير الحاسم، فهو الذي يمكنه أن يجعل أول كلمة تُدرس للطلبة (الله) كمدخل للإيمان أو بإمكانه أن يجعلها توجِّهه نحو الكفر والإلحاد، وهكذا في شتى المجالات والعلوم، كما أنه يستلزم أن يُراعِي خطاب إسلامية المعرفة المراحل التعليمية والعمرية المُختلفة، بحيث يضمن وصول فكرته ومشروعه إليها بصورة مناسبة، كما يستلزم هذا الخطاب أن يُفرِّغ في مقرَّر تعليمي مُركَّز يبيِّن حقيقة المهمة والمصطلح صراحةً لطلاب الثانوية والجامعة في كل التخصُّصات.
الفكرة من كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
يناقش هذا الكتاب- صغير الحجم كبير الفائدة- مفهوم ومشروع إسلامية المعرفة لا من جانب خطواته وإجراءاته وتعريفاته، ولكن من جانب ضروراته وإمكاناته، فهو بمثابة صرخة للمثقفين والطلاب المسلمين من قراء العربية نحو التعرُّف على هذا المشروع لا بوصفه مجرد تيار علمي عليهم متابعة إنجازه، ولكن على أنه ضرورة حضارية وعلمية وثقافية وشرعية يفرضها الواقع والدين لانتشال المسلمين من وطأة واقعهم المتأخر فكريًّا وحضاريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا ومعرفيًّا إلى رحابة وفاعلية الإيمان في تغيير الفكر والواقع.
مؤلف كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
عماد الدين خليل، مؤرِّخ إسلامي واسع الاهتمامات، وُلِدَ في العراق عام 1941، واشتغل في المجال الأكاديمي والعلمي بقدر ما انهمك في التأليف والبحث العلمي، فهو يُدرِّس منذ لحظة تعيينه مُعيدًا في كلية الآداب جامعة الموصل عام 1966 إلى وقتنا الراهن؛ حيث قام بالتدريس في العديد من جامعات العالم الإسلامي منها: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة اليرموك بالأردن، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
له العديد من المؤلفات في التاريخ ومناهجه، والأدب والمسرح والشعر والرواية، ومنها على سبيل المثال: “دراسة في السيرة”، و”التفسير الإسلامي للتاريخ”، و”نور الدين محمود: الرجل والتجربة”، و”في التاريخ الإسلامي: فصول في المنهج والتحليل المكتب الإسلامي”، و”ابن خلدون إسلاميًّا”، و”القرآن الكريم من منظور غربي”، و”المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي”، و”مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي”.