إسلامية المعرفة.. قوة الدفع الثلاثي
إسلامية المعرفة.. قوة الدفع الثلاثي
إن إسلامية المعرفة أرادت أن تكون قوة دفع ثلاثي: للإنسان، والمعرفة، والحضارة؛ كقوة دفع للإنسان تجاه استكشاف ذاته والإيمان بقدراته، وتحقيق التوازن المطلوب لاستمرار حياته وبقائه حيًّا فاعلًا، ومنحته فرصة لتعميق الوفاق بينه وبين العالم، بعيدًا عن مقولات صراع الإنسان مع المادة، وصراعه مع كل من في الكون لإخضاعه حسب الرؤى الغربية، كما أنَّها مثَّلت قوَّة دفع للمعرفة، التي يُرغِّب الإسلام فيها، بل يجيبها على من تتوافر فيه الشروط، ويدعو لاستكشاف قوانينها الحقيقية التي أعطانا الوحي أماراتها وعلاماتها للوصول إليها، وهي أخيرًا قوَّة دفع لا لحضارة المسلمين وحسب، بل إلى مجمل الحضارة البشرية، بفعل ما يمكن أن تقدِّمه من منجزات إنسانية تتأطَّر بأخلاق الإسلام العالمية.
ودفع هذه الثلاثية يتبعه دفع ثلاثية معرفية أخرى، ترتبط بتصنيف العلوم المعروفة إلى علوم طبيعية، وعلوم اجتماعية وعلوم تطبيقية، ويؤكد الكاتب أن إسلامية المعرفة لا تعني تدخُّلًا في المعادلة الرياضية أو الكيميائية ولا قوانينهما، ولكن تذكيرًا بجهود علماء المسلمين وأخلاقهم العلمية التي كانت تبدأ أي عملٍ علمي باسم الله وتختمه بالآية الكريمة: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ من جانب، والالتفات إلى توظيف هذه العلوم من جانب آخر؛ مما يجب أن يتوجَّه نحو خدمة بني الإنسان، وإضفاء لمسته الإيمانية على كل منجز بشري إسلامي.
والأمر ذاته يصدق على تطبيقات العلوم التقنية من تليفزيون وسينما وإنترنت وغيرها، ما يتطلَّب حسن توجيه لجعلها متوافقة مع ظروف العالم الإسلامي وقيمه، وإخضاعها لسيطرة الإنسان لا الخضوع لسيطرتها هي عليه، ويبقى المعنى الأول بعملية الأسلمة هو زمرة العلوم الاجتماعية كالتاريخ والاجتماع وعلم النفس، التي تؤدي فيها القيم والتفضيلات الدينية دورًا رئيسًا يبدأ من اختيار موضوع الدراسة ولا ينتهي عند التوصيات التي يقدِّمها الباحث لتجاوز الواقع وتعديله، بل يتعدَّاه إلى استخدام هذه التوصيات وطريقة تطبيقها على أرض الواقع.
الفكرة من كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
يناقش هذا الكتاب- صغير الحجم كبير الفائدة- مفهوم ومشروع إسلامية المعرفة لا من جانب خطواته وإجراءاته وتعريفاته، ولكن من جانب ضروراته وإمكاناته، فهو بمثابة صرخة للمثقفين والطلاب المسلمين من قراء العربية نحو التعرُّف على هذا المشروع لا بوصفه مجرد تيار علمي عليهم متابعة إنجازه، ولكن على أنه ضرورة حضارية وعلمية وثقافية وشرعية يفرضها الواقع والدين لانتشال المسلمين من وطأة واقعهم المتأخر فكريًّا وحضاريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا ومعرفيًّا إلى رحابة وفاعلية الإيمان في تغيير الفكر والواقع.
مؤلف كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
عماد الدين خليل، مؤرِّخ إسلامي واسع الاهتمامات، وُلِدَ في العراق عام 1941، واشتغل في المجال الأكاديمي والعلمي بقدر ما انهمك في التأليف والبحث العلمي، فهو يُدرِّس منذ لحظة تعيينه مُعيدًا في كلية الآداب جامعة الموصل عام 1966 إلى وقتنا الراهن؛ حيث قام بالتدريس في العديد من جامعات العالم الإسلامي منها: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة اليرموك بالأردن، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
له العديد من المؤلفات في التاريخ ومناهجه، والأدب والمسرح والشعر والرواية، ومنها على سبيل المثال: “دراسة في السيرة”، و”التفسير الإسلامي للتاريخ”، و”نور الدين محمود: الرجل والتجربة”، و”في التاريخ الإسلامي: فصول في المنهج والتحليل المكتب الإسلامي”، و”ابن خلدون إسلاميًّا”، و”القرآن الكريم من منظور غربي”، و”المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي”، و”مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي”.