الأخلاق الكريمة
الأخلاق الكريمة
أصل كل خلق كريم هو تعظيم الله والخوف منه والعلم به ومراقبته في السر والعلن، فيثمر في القلب الإحسان وكف أذى النفس عن الخلق وبذل النصح لله، ومحاولة ترويض النفس على صفات الله كالجود والعفو والحياء والحلم وشكر الناس، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وكل ذلك مرضاة لله ورسوله وطمعًا في الدرجات العلا من الجنة كما أخبرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والأخلاق الحسنة حادية بصاحبها لكل خير والأخلاق السيئة مودية بصاحبها إلى كل شر؛ فالكبر يمنع النفس من الانقياد لله والحسد يمنع قَبول النصح والغضب يمنع العدل.
وأسماء الله وصفاته كلها تورث في القلب تعظيم الله ومعرفة قدره ومن ثم حسن الخلق، فعلم المرء أن ربه عفو يغفر لعباده ما يصدر منهم من سوء -إذا رجعوا إليه واستغفروه فيبدل الله سيئاتهم حسنات- ويورث في القلوب محبة الإسراع إلى الله بالتوبة والتوسل إليه.
ومن أسماء الله الحسنى الستير، والفتاح، الودود، فـ(الستير) يعني الذي يستر عباده فلا يفضحهم، والإيمان بهذا الاسم يورث في العبد الحياء من الله أن يراه يعصيه فيستره ولا يفضحه، ويورث في النفس حب التخلق بهذه الصفة بالستر على النفس وعلى الخلق فلا يجاهر بمعصية. والحليم هو الذي لا يعجِّل لعباده العقوبة مع القدرة على ذلك، وعلم العبد أن ربه حليم يقوده إلى المسارعة بالتوبة والاستغفار وعدم اليأس من رحمة الله مع الحذر من عقاب الله، فهو شديد العقاب وهو غفور رحيم.
و(الفتاح) هو الحاكم بين عباده بالحق والعدل فيخشى المرء الظلم والتعدي على الحقوق، ويمتلئ القلب ثقة بنصر عباده المؤمنين، وإن تأخر النصر فلحكمة يعلمها الله بمقتضى الخير والصلاح لعباده، وهو الذي يفتح لعباده أبواب الرزق والرحمة وما استعصى عليهم من الأمور والأسباب، وعلم المرء أن ربه الفتاح بيده مفاتيح العلم والهدى والخير والرحمة والرزق فيمتلئ القلب محبة لله، وتوكل عليه فيدعو الله أن يرزقه مفاتيح الخير وما كان عاقبته خير والاستعاذة من الشر وكل ما يؤول إليه.
واسم الله (الودود) يعني الذي يحب أنبياءه ورسله وعباده المؤمنين، وهو المحبوب الذي يستحق كل الحب حتى يكون أحب إلى عباده من سمعهم وبصرهم، والإيمان بهذا الاسم يملأ القلب طمأنينة بذكر الله وحلاوة مناجاته وقوة الرجاء فيه سبحانه وعدم اليأس من روحه ورحمته.
الفكرة من كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
العلم بأسماء الله وصفاته هو أجلُّ العلوم وأنفعها وأشرفها بما تورث في القلوب من محبة الله وخشيته وتعظيمه، ومن رحمة الله بعباده أن جعل توحيده ومعرفته أمرًا راسخًا في الفطرة والعقل إجمالًا إلا أن يطرأ عليهما ما يفسدهما من محدثات الأمور والنفوس، فلا سعادة للعباد ولا صلاح لهم إلا بمعرفة خالقهم، فهو سبحانه غاية مطالبهم وتعرفهم عليه قرة أعينهم كما قال الإمام ابن القيم، وبحسب معرفة العبد بربه يكون إيمانه، ولا تتحصَّل المعرفة إلا بتلاوة كتابه وتدبُّر أسمائه وصفاته.
مؤلف كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
عبد العزيز ناصر الجليل: كاتب وطبيب صيدلي، حصل على بكالوريوس صيدلة وعلوم صيدلة من جامعة الرياض.
عمل مديرًا لدار طيبة للنشر والتوزيع مدة عشرين عامًا، ثم مشرفًا على المكتب العلمي في الدار.
ومن أشهر مؤلفاته: سلسلة وقفات تربوية ومنارات في الطريق، والميزان في الحكم على الأعيان.