الأدب مع الله
الأدب مع الله
أعرف الناس بالله أشدهم تعظيمًا له، وعلى قدر معرفة العبد بربه يكون تعظيمه إياه؛ فيكون حاديه للعبادة محبة الله في قلبه وإجلاله له، ومن أسماء الله الحسنى التي تبعث في القلب تعظيم الله والأدب معه: الرب، القهار، العظيم، المتين، الشافي، المجيد، المهيمن، الحي، القيوم، الظاهر، الباطن، القاهر، العظيم، الكبير، البارئ.
فـ(الرب) اسم من أسماء الله عز وجل، ويعني السيد المدبِّر ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى، والإقرار بربوبية الله تقتضي التوحيد الخالص له والرضا بما يقدِّره عليه، ومعرفة أن الرب كَفَل عباده أرزاقهم يخلق في العبد قوة التوكل عليه في جلب النفع ودفع الضر.
واسم الله (القهار) يعني المتعالي على خلقه المستعبِد لهم، والإيمان باسم القهار يورث القلب إفراد الله بالإرادة والقصد وتخليص القلب من الخوف إلا من الله، واسم الله (العظيم) يعني الموصوف بكل صفات الكمال، وتعظيم الله يكون بالقلب واللسان والجوارح إجلالًا له وخصوعًا وثناءً وشكرًا. واسم الله (المتين) يعني المتناهي القوة والقدرة فهو الذي لا يغلبه غالب ولا يرد قضاءه راد ولا يعجزه شيء، والإيمان بهذا الاسم الكريم يورث في القلب التواضع والثقة بنصر الله وكفايته للمؤمنين والتبرُّؤ من حول النفس وقوتها إلى حول الله وقوته.
ومن أسماء الله تعالى أيضًا (الشافي) فهو الذي يرفع الأذى والألم، فهو الشافي من آفات القلوب والأبدان، فلا شفاء إلا شفاؤه ولا يكشف الضر إلا هو ولا يأتي بالخير إلا هو، والإيمان بهذا الاسم يورث في القلب التوكل على الله وحده واللجوء إليه بالدعاء لكشف الكربات، واسم الله (المجيد) يعني واسع الكرم والخير كثير الإحسان لعباده، فإذا علم المرء أن له ربًّا واسع الكرم كثير الإحسان يدفعه ذلك إلى التماس مرضاته وتجنُّب سخطه وترك التعلق بغيره والتقرب إليه سبحانه بما يرضاه ويحبه وهذه هي حقيقة التقوى.
ويعني اسم الله (المهيمن) الشاهد على خلقه الرقيب على أعمالهم، المطلع على خفايا الأمور وخبايا الصدور، والإيمان بهذا الاسم يثمر في القلب مراقبة الله (عز وجل) في السر والعلن، والسعي لالتماس مرضاة الله وشكره على نعمائه وإحسانه وحسن التوكل عليه.
الفكرة من كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
العلم بأسماء الله وصفاته هو أجلُّ العلوم وأنفعها وأشرفها بما تورث في القلوب من محبة الله وخشيته وتعظيمه، ومن رحمة الله بعباده أن جعل توحيده ومعرفته أمرًا راسخًا في الفطرة والعقل إجمالًا إلا أن يطرأ عليهما ما يفسدهما من محدثات الأمور والنفوس، فلا سعادة للعباد ولا صلاح لهم إلا بمعرفة خالقهم، فهو سبحانه غاية مطالبهم وتعرفهم عليه قرة أعينهم كما قال الإمام ابن القيم، وبحسب معرفة العبد بربه يكون إيمانه، ولا تتحصَّل المعرفة إلا بتلاوة كتابه وتدبُّر أسمائه وصفاته.
مؤلف كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
عبد العزيز ناصر الجليل: كاتب وطبيب صيدلي، حصل على بكالوريوس صيدلة وعلوم صيدلة من جامعة الرياض.
عمل مديرًا لدار طيبة للنشر والتوزيع مدة عشرين عامًا، ثم مشرفًا على المكتب العلمي في الدار.
ومن أشهر مؤلفاته: سلسلة وقفات تربوية ومنارات في الطريق، والميزان في الحكم على الأعيان.