منهج الاستشراق
منهج الاستشراق
يخضع المنهج الاستشراقي إلى تطور العلوم الغربية، ويقُصد هنا بالمنهج الخطوة العامة التي يتبعها الفكر في المجال العلمي، وأحد المناهج المستخدمة في الدراسات الاستشراقية هو المنهج الأنثروبولوجي، ويعني دراسة الإنسان والظواهر الاجتماعية، وذلك بدراسة الممارسات والعقائد والأعراف، ومن أبرز الموضوعات التي تدور حولها الدراسة هي أنظمة القرابة والزواج وأحوال الحكم والسلطات والعقائد السحرية والشعائر الدينية.
ازدهر علم أنثروبولوجيا الشرق الأوسط منذ ثمانينيات القرن العشرين بعدما مر بأربع مراحل: المرحلة الأولى اعتمدت على الدراسات التاريخية والتصوُّرات الشخصية وخضعت لسيطرة المستشرقين التقليديين، أما المرحلة الثانية فخضعت لسيطرة الرحالة والإداريين السياسيين، والمرحلة الثالثة خضعت لسيطرة علماء الأنثروبولوجيا المحترفين ذوي التوجهات النظرية، والمرحلة الرابعة خضعت للأنثروبولوجيين المحليين، وتمركزت تلك الدراسات الأنثروبولوجية حول القبلية والمرأة والإسلام.
وأحد المناهج المتبعة في الدراسات الاستشراقية إلى جانب المنهج الأنثروبولوجي هو المنهج اللغوي، ويختص هذا المنهج بدراسة النص القرآني وتاريخ الإسلام المبكر وتاريخ الحقبة التي نشأ فيها وظروف تلك النشأة، وأبرز النماذج التي تبنَّت المنهج اللغوي في الدراسات الاستشراقية هي دراسة بعنوان القرآن الأصل قدمها الألماني فونتير ليلنف عام 1974م، وتنص على أن: “القرآن ليس سوى تركيب عربي لجملة من النصوص اليهودية والمسيحية”، و”أن ما يزيد على ثلث القرآن – قصار السور تحديدًا – نظرًا إلى طابعها الشعري وأسلوبها الغنائي ليست سوى مقاطع من أناشيد كنسية مسيحية كان يردِّدها الكهان في صلواتهم”.
ويذكر الباحث الفرنسي ميشال أورسل في كتابه “نشأة الإسلام: بحث تاريخي في الأصول” الصادر عام 2012م أنه لا وجود لنبي الإسلام نظرًا إلى غياب الروايات التاريخية التي تؤيِّد الرواية الإسلامية، بالإضافة إلى التشكيك في القرآن واعتباره نصًّا ذا أصول سريانية، وكذلك التشكيك في وجود مدينة مقدسة باسم مكة المكرمة واعتبارها أسطورة لا دليل تاريخي يؤكِّد صحة وجودها، وكذلك التشكيك في وجود الكعبة واعتبارها بمنزلة الاختراع.
وتتمثل إحدى الأطروحات الراديكالية في نظرية المستشرق الألماني كريستوف لوكسنبرغ (وهو اسم مستعار) في كتابه المشهور “قراءة سريانية آرامية للقرآن: مساهمة في تفسير لغة القرآن الكريم” يرى فيه المؤلف أن القرآن ليس سوى كتاب فصول وتراتيل طقسية كنسية، ويقول الدكتور المبروك المنصوري – الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- إن: “كتاب لوكسنبرغ ظل مغمورًا نحو سنتين إلى أن اهتمت به الصحافة الأمريكية اهتمامًا بالغًا بعد أحداث سبتمبر”.
الفكرة من كتاب حول الاستشراق الجديد: مقدمات أولية
ما المقصود بالاستشراق؟ وما البنية الفكرية لتلك الأبحاث؟ وما أبرز المحطات الفكرية والتاريخية التي مر بها منذ نشأته؟ وما أبرز الانتقادات الموجهة إلى الدراسات الاستشراقية سواء على المنهج الأنثربولوجي والمنهج اللغوي؟
يتناول هذا الكتاب قضية الاستشراق وموقف المجتمع الغربي من واقع المجتمعات الإسلامية بغرض تعميق الوعي بالسياسات الغربية، وبخاصةٍ بعد تغلغل تلك المفاهيم في المجتمعات الإسلامية وسيطرتها على منافذ التأثير بسبب شبكات الاتصال العالمي، التي أصبحت بمنزلة شكل جديد للاحتلال.
مؤلف كتاب حول الاستشراق الجديد: مقدمات أولية
عبد الله بن عبد الرحمن الوهيبي: كاتب سعودي، له العديد من المقالات منها: معنى الحياة في العالم الحديث، الاستقبال العربي لعلم اللغة، الإبادة الثقافية، وله كتاب بعنوان “التبرج المسيَّس”.