ما قبل معالجة الخطأ
ما قبل معالجة الخطأ
إن ما يميِّز الإسلام أنه يجعل الإنسان سليمًا بداخله، ضابطًا لأفعاله وأقواله، لذا على المُتقدِّم للنصح والإرشاد أن يجتهد في نفسه، وأن يُخلص نصحه لربِّه (تبارك وتعالى)، وأن يتجرَّد من كل منفعة قد تحصل له، وأن يتواضع ويقترب إلى الغير حتى يبني جسور المحَبَّة التي يستطيع بها تقديم نصحه وإرشاده، فحينما يُخلص العبد لربِّه عمله يستطيع الصبر عما قد يلقاه من الإعراض، وذلك لأنه لا يبتغي ثواب الدُنيا.
كما يجب أن يعلم الخطأ من الطبيعة البشرية، يقول ﷺ: “كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون” فلا يفترض المثالية، والتعامل على أن البشر معصومون، بل عليه أن يستحضر أن الإنسان قد يقع في الغفلة والنسيان والهوى والجهل، وبهذا يكون متوازنًا في قوله، ولا يُكلِّف الناس فوق ما يُطيقون، ولو كان العكس لحصل من ردود الأفعال ما لا يُحمد عُقباه، وهذا بالطبع لا يعني ترك المُخطئين على خطئهم، بل القصد هو ضبط النفس قبل الإنكار والمحاسبة.
كما أن من الواجب التأكُّد من الخطأ بميزان الشرع، لا بميزان الهوى والمزاج، وكلما كان الخطأ أعظم وأثره أكبر كانت العناية بمعالجته أولى، كذلك الأخذ في الحُسبان بمنزلة المُخطئ، فالكبير ليس كالصغير، وعلى المُتقدِّم للنصح أن يُفرِّق بين المُخطئ عن عمد، والمخطئ عن جهل حتى يضبط نصحه بما يناسب كلًّا، فالجاهل يحتاج إلى تعليم، وصاحب الشبهة يحتاج إلى بيان، والغافل يحتاج إلى التذكير، والمُصرُّ يحتاج إلى الوعظ، ولا تعني إرادة المخطئ الخير الامتناع عن نصحه.
ومن الضروري الالتزام بالعدل، فخطأ الحبيب كخطأ الغريب، يقول تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾، ومن الضروري الانتباه إلى “هل إصلاح الخطأ قد يؤدي إلى خطأ أكبر؟”، فالكثير قد يقع في الحماس والحمية لدينه ولا يقيس الأمور فيحصل مفسدة بنصحه أكبر من المفسدة الواقعة، كذلك إدراك الطبيعة التي نشأ فيها الخطأ ومحاولة إصلاح الأصل والجذور التي تسبَّبت في حصول الخطأ هو الأولى.
الفكرة من كتاب الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس
لم تكن السيرة النبويَّة يومًا قصصًا مُجرَّدة من الفوائد الجليلة والدروس العظيمة، بل الهدف الأوَّل لها هو أن يتأمَّل المرء في سيرة نبيِّه مُحمد ﷺ ليقتدي بهديه ومنهجه، ففي هذا الكتاب يُقدِّم لنا الشيخ المنهج النبوي في التعامل مع الأخطاء البشريَّة، فمنهجه ﷺ هو الأكمل والأحسن، وذلك لأنه مؤيَّد من ربِّه في أفعاله وأقواله، على عكس المناهج الأرضية التي يعترضها الخطأ والانحراف، كما أن التوجيه والتعليم والتقويم هو أجلُّ هديَّة يُقدِّمها المرء لغيره، وبناء على ذلك فمن الضروري الحرص على اختيار أفضل منهجية ووسيلة يستطيع المرء بها توجيه غيره.
مؤلف كتاب الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس
محمد صالح المنجد، داعية وعالم إسلامي سوري، ولد في 13 يونيو 1961م، نشأ في الرياض وتعلم في المملكة العربية السعودية، حصل على البكالوريوس من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثم سلك بعدها طريق الدعوة إلى الله، وذلك بتوجيه من الشيخ عبد العزيز بن باز (رحمه الله)، فبرز في المجال الدعوي وألقى العديد من المحاضرات والدروس، كما أنه من أوائل من استخدم الإنترنت في الدعوة إلى منهجه، وذلك بتأسيسه الموقع الإسلامي “سؤال وجواب”.
له العديد من المؤلفات، منها: “تقرأ كتابًا”، و”33 سببًا للخشوع في الصلاة”، و”كيف عاملهم؟”، وسلسلة “أعمال القلوب” وتحتوي عشرة كتيبات.