التعلم والسلوكية
التعلم والسلوكية
تُعرَف الموجة الأولى من العلاج المعرفي السلوكي بالمقاربة السلوكية، والتي تعتمد على نحو أساسي على نظريَّات التعلُّم، ومن أهمها التعلم الاستجابي والإجرائي، وقد نشأت نظرية التعلم الاستجابي في بداية القرن العشرين على يد بافلوف عندما قام بتجربة الجرس والطعام، إذ قام على نحو متكرِّر بمزامنة تقديم الطعام للكلب مع صوت الجرس، مما جعل الكلب يربط بين صوت الجرس وإفراز اللعاب، وهذا الربط عشوائيًّا؛ فالجرس لا علاقة له بالطعام، وعلى الرغم من ذلك فإن صوته ارتبط بسيلان لعاب الكلب، مما يعني أن الاستجابة المتعلِّمة ليست سلوكًا إراديًّا، ولكن تنتمي إلى الاستجابات الفسيولوجية، أي استجابة فطرية لا يمكن التحكم بها.
وفي بداية القرن العشرين تطوَّرت فكرة إمكانية تغيُّر الاستجابات الفسيولوجية اللاإرادية بربطها بمثيرات معيَّنة، ويعدُّ جون واطسون رائد المدرسة السلوكية، الذي طوَّر هذه الفكرة في الجانب الاجتماعي بربط السلوك غير المرغوب فيه كالعنف بالألم، والعيب الأساسي لنظرية بافلوف هو أنها لا تأخذ في الحسبان إلا المثير والاستجابة الفسيولوجية اللاإرادية، كما أن سلوكية واطسن تُقصي الشخص، ومن ثم لا تعدُّ دراسة نفسية حقيقية، ولكن دراسة نفس – فسيولوجية.
وخلال الخمسينيات ظهرت نظريات التعلم الإجرائي على يد سكينر، وتنصُّ على أن تعلُّم السلوك ليس مرتبطًا بالمثير فقط، بل بأثر هذا السلوك في العضوية، فإذا كانت آثاره مرغوبة سيكون هناك ميلٌ إلى تكرار السلوك، وإذا كانت الآثار غير مرغوبة فذلك سيؤدي إلى توقُّف السلوك، وبذلك وثَّقت هذه النظرية أن استجابات الشخص ليست آلية بحتة كما افترضت نظرية التعلم الاستجابي، ولكن النتائج مرتبطة بسلوك الشخص، وبذلك ظهر لأول مرة الاعتراف بكيان الشخص.
الفكرة من كتاب مدخل إلى العلاجات السلوكية المعرفية
أثبتت العلاجات السلوكية المعرفة على نحو متدرِّج مكانتها كأحد التيارات الأساسية في العلاج النفسي التي تم تطبيقها وتطويرها في البلدان الأنجلو- سكسونية إلى أن أصبحت العلامة الأساسية في العلاج النفسي، ثم بعد ذلك انتقلت إلى أوروبا ثم إلى العالم بأسره، ومنذ عشر سنوات تسارعت الوتيرة وأخذت العلاجات السلوكية المعرفية تحتلُّ مكانة أكثر أهمية تدريجيًّا في ميدان العلاج النفسي، وكذلك مصالح الطب العقلي.
وفي هذا الكتاب يستعرض المؤلف مفهوم العلاج السلوكي المعرفي، وتاريخ نشأته والتقنيات المستخدمة فيه والعلاقة بين التعلُّم والسلوك والصحة النفسية والعوامل المؤثرة فيها، وما مفهوم العلاج الفعَّال وأوجه الاختلاف بين العلاج السلوكي المعرفي والعلاجات الأخرى وخطط واستراتيجيات العلاج، ويعدُّ هذا الكتاب إجاباتٍ لكثير من التساؤلات للمهتمِّين بتطوُّرات العلاجات النفسية وميدانها الرحب.
مؤلف كتاب مدخل إلى العلاجات السلوكية المعرفية
سيريل بوفيه: كاتب وعالم نفس واجتماع، مهتم بالصحة النفسية والتربوية.
له العديد من الكتب في مجال علم النفس السلوكي منها الكتاب الذي بين أيدينا “مدخل إلى العلاجات السلوكية المعرفية”.