حتمية وجود الخالق
حتمية وجود الخالق
لم يعد هناك بدٌّ من وجود إله خالق ومحدث لهذا الكون، فهذا هو القول الوحيد المنطقي والمقبول عقلًا، وهناك الكثير من الأسئلة التي تتردَّد على الألسنة منها: من الذي خلق الإله (الله)؟ وهذا السؤال خطأ لأنه ينافي مبدأ عدم اجتماع النقيضين، فالإله (الخالق) لا يكون مخلوقًا، فكما لا يصح عقلًا أن يكون الشخص طويلًا وقصيرًا في الوقت نفسه، كذلك لا يصح أن يكون الإله خالقًا ومخلوقًا، فإما أن يكون مخلوقًا وإما أن يكون خالقًا.
ولو تتبَّعنا هذا القول وقلنا إن هناك خالقًا آخر، فيكون السؤال فمن خلقه؟ والذي فوقه من خلقه؟ وهكذا إلى ما لا نهاية في حلقة مفرغة، وعليه لن يكون الكون قد خُلق أصلًا، لذا يجب أن تنتهي هذه السلسلة إلى خالق واحد لا شريك له هو الأول ولا شيء قبله، فلماذا؟ ولمَ ليس آلهة؟
لو كان هناك فاعلان لهذا الكون لكلٍّ منهما كمال القدرة وكمال الإرادة، فإن استقلالهما ينفي استقلالهما بمعنى استقلال كل واحد منهما ينفي استقلال الآخر، فلو أراد أحدهما في شخص صفة البياض والآخر صفة السواد، فإما أن تنفِّذ إرادتهما معًا، وهذا محال باعتبار عدم اجتماع النقيضين، وإما ألا تنفذ إرادتهما معًا، ما كان أحد منهما إلهًا، إذ إن العجز من صفات المخلوق لا الخالق، فالخالق يتصف بكمال القدرة وكمال الإرادة لا يعجزه شيء.
وإما أن تنفَّذ إرادة أحدهما ولا تنفَّذ إرادة الآخر، وحينها سيكون النافذ إرادته هو الخالق والآخر مخلوق، وبهذا يستحيل وجود أكثر من إله خالق، يقول تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)، لذا كان بالضرورة وجود إله واحد ضرورة عقلية، يقول تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).
الفكرة من كتاب لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والشر والعلم والتطور
“لماذا نحن هنا؟ سؤال صعب.. سؤال يراودني”.. لو كنت استمعت إلى هذه الأغنية في الصغر، ستتذكَّر معي كيف كان وقعها علينا لما كانت تُعرَض على “سبيستون Spacetoon” وتتردَّد كلماتها هذه على مسامعنا، وتتذكَّر كيف كنا نردِّدها وقتها بكثيرٍ من الفرح والسعادة منسجمين مع النغمات والألحان.
والآن لمَّا صار الزمان غير الزمان صار لهذه الكلمات وقعٌ مختلفٌ عند سماعها وعند ترديدها. ولما حدث ذلك كان لزامًا على أهل العلم والصلاح أن يقدِّموا الإجابات، وفي هذا الكتاب عمد المؤلف إلى جمع أغلب تساؤلات الشباب حيال الوجود والخلق والخالق والغاية من وجودنا والإجابة عنها بما يعين الشاب، ويزيل عنه الشك والارتياب ويثبته على دينه.
مؤلف كتاب لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والشر والعلم والتطور
إسماعيل عرفة: كاتب، وطبيب صيدلي له اشتغال بالصحافة المعرفية والترجمة، وباحث مهتم بالظواهر الاجتماعية والقضايا الفكرية المعاصرة.
ومن مؤلفاته: الهشاشة النفسية: لماذا صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟ وترجم كتاب “صنع الدولة الحديثة” لبريان نيلسون والصادر عن دار عالم الأدب في عام 2019م.